قانون تركيب الذرة الأساسي
تعريف الذرة
الذرة جسم كروي صغير الحجم. تتكون من نواة، مليئة بالبروتونات وبها شق طوله ثلث محيطها، و محيط حراري نووي ثم محيط نيوتروني يحتوي على ممرين، الأول للخروج والثاني للدخول، وأخيرا الإليكترونات التي تدور بانتظام حول كل هذه المكونات التي يربطها فيما بينها نظام جد محكم يسمى بالقانون الأساسي لتركيب الذرة. وهي تماثلية لكونها تنقسم إلى نصفين متماثلين حسب المستوى الذي ينتمي إليه طول الشق. وتلعب البروتونات دورا رئيسيا في تكوين الذرة فهي تعمل بداخلها وكأنها في دارة كهربائية مغلقة مكونة من بطارية وأسلاك ثم جهاز مستهلك للطاقة. هذا، بالإضافة إلى أن للذرة نبض خاص، فنواتها تنبض كما ينبض القلب عند الإنسان.
مركبات الذرة
تتركب الذرة من ثلاثة مركبات رئيسية هي: النواة، المحيط النيوتروني والإليكترونات.
النواة :
هي كرة مليئة بأجسام صغيرة محملة بالطاقة تسمى بروتونات ويحيط حولها محيط حراري. ونظرا لحالة عدم الاستقرار التي تعيشها النواة نتيجة التنافر الحاصل بين البروتونات المتشابهة الشحنة المستقرة بداخلها، يحدث تشقق يقارب طوله ثلث محيط غشاء النواة بسبب الضغط الحاصل على النواة من الداخل.
ويعرف هذا الشق اندفاع مفرط للبروتونات من داخل النواة إلى خارجها في حركة مستقيمية يتحدد مجالها من مركز النواة إلى غاية النقطة ص كما يظهر في الشكل أدناه.
وانطلاقا من هذه النقطة تنقسم حركة البروتونات المستقيمية في المجال[ن ص] إلى حركتين دائريتين متماثلتين، حسب المحور العمودي على الشق حيث تنسب الذرة إلى معلم متعامد وممنظم، وسبب هذا التغيير لحركة البروتونات هو تأثير الظروف الخارجية المغايرة للوسط الأصلي حيث تبحث البروتونات الثائرة عن طريق لحفظ طاقتها.
إن الطريق الوحيد الذي يوجد أمام البروتونات، الذي قد يحقق لها التوازن ويحافظ على طاقتها من تأثير الوسط الخارجي، هو مسارها الدائري المحاذي للمحيط الحراري النووي بشكل تماثلي، لكن الأمر الذي يجعل البروتونات تسير دون أن تبتعد عن المكان الذي انبثقت منه لا يعني أن طاقتها سوف تحفظ بالكامل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حجم النواة يصغر تناسبا مع ما تفقده هذه الأخيرة من البروتونات التي تعبر الشق وهذا ما يجعل حجم المحيط الحراري النووي يصغر هو الآخر.
مقاطع عرضية لمراحل نشأة الذرة
المحيط النيوتروني
ممر الخروج :
هو مسار ينقل البروتونات بعد خروجها من النواة من النقطة ص إلى النقطة ث. فأول أمر هام هنا هو أن شحنة البروتون داخل هذا الممر تتناقص فلو رمزنا لقيمة شحنة البروتون داخل النواة بالقيمة " ز" فإن قيمة هذه الشحـنة في ممر الخروج ستـصبح " ز-1 " ف" ز-2 " ثم " ز- 3 " وهكذا إلى غاية وصـولها إلى أدنى قيمة لها والتي تتناسـب مع حركة البروتون داخـل المـجال[ص ث]. وثاني أمر هام هو أن النقص الذي يعرفه البروتون في شحنته داخل ممر الخروج يجعله يختلف من حيث الخاصية عن البروتون داخل النواة. ولهذا، حتى لا نقع في الخلط سنرمز للبروتون خارج النواة بالنيوترون، ونقول أن البروتون يتحول إلى نيوترون مباشرة بعد خروجه من النواة. وعلى العموم فالنيوترون هو ذلك البروتون الذي فقد قسطا من طاقته خلال عبوره ممر الخروج. أما ثالث أمر هام فهو يتعلق بعملية التجاذب الحاصلة بين ممر الخروج والمحيط الحراري النووي والتي تشبه التجاذب الذي يحصل عادة بين الشحن الموجبة والشحن السالبة. إن طبيعة مسار النيوترونات الدائري ظهرت استجابة لتأثير المحيط الحراري عليها، فالنيوترونات تبحث عن طريق هذه الحركة عن منفذ لها إلى داخل النواة من أجل غاية واحدة هي استرجاع الطاقة التي سبق لها أن فقدتها وهو ما يجعل مسارها يقترب أكثر من المحيط الحراري النووي.
المنطقة إ ( التخزين ) :
إن المنطقة إ هي نهاية ممري الخروج المتماثلين وفي نفس الوقت تعد مكان التقائهما. هذا، بالإضافة إلى أنها تعتبر محطة تخزين النيوترونات الوافدة من الممرين. غير أن تكاثف هذه الأخيرة في هذه المنطقة سيؤثر حتما على حركة التيارين المتماثلين اللذان لهما نفس شدة القوة، ذلك لأنها تمثل سدا يمنع استمرارية حركتيهما، مما يضاعف شدة الضغط في هذه المنطقة التي مع مرور الوقت تتكدس نظرا لعدم توقف الممرين من نقل النيوترونات إليها. وهذا ما قد يؤدي إلى إجهاض عملية نشوء الذرة، بسبب قوة الاصطدام الهائلة الحاصلة بين التيارين المتماثلين، إن لم تجد النيوترونات مسلكا لها. خلال هذه المرحلة تكون النيوترونات قد توقفت عن الحركة على مستوى منطقة التخزين وهي عاجزة عن اتخاذ حركة معاكسة داخل نفس الممر السابق نظرا لضعف قوتها أمام قوة التيار الذي يحملها كما هي عاجزة كذلك عن اختراق المحيط الحراري النووي مباشرة. وتبعا لهذه الدوافع تحتك النيوترونات على مستوى النقطة ث مع المحيط الحراري للنواة. وتزداد قوة التماس مع ازدياد قوة الضغط إلى أن تستجيب النيوترونات لهذين التأثيرين، فكأنها تستعيد بفضليهما قسطا من طاقتها وتتأهب لحركة جديدة. إن تأثير المحيط الحراري على النيوترونات المتماسة له وحده غير كاف لخلق حركة جديدة، لكن لو أضيف إليه تأثير الضغط الشديد المسلط عليها في هذه المنطقة ستتمكن هذه الأخيرة من اختراق ممر آخر قد يحقق لها التوازن.
فأي ممر يمكن النيوترونات من الوصول إلى النواة؟
ممر الدخول :
لا يوجد أمام النيوترونات أي طريق ينقلها إلى النواة سوى المجال الضيق جدا الذي يفصل بين المحيط الحراري النووي وممر الخروج، فاحتكاكها مع مجال حراري يزيد من حرارتها وبازدياد الضغط تزداد حركتها الدائرية التي تخترق على إثرها الممر الجديد كما تخترق يد الجزار جلد الكبش عن لحمه. وكلما ابتعدت عن المنطقة إ واقتربت من المركز كلما ارتفعت درجة حرارتها. وهكذا تستمر هذه العملية إلى أن تكتسب النيوترونات كل طاقتها لتتحول إلى بروتونات مباشرة بعد وصولها إلى النواة. وهنا نكون قد حصلنا على حركة مستمرة لتيار تولده النواة، يسير في ممري الخروج عابرا المنطقة إ ومتجها إلى النواة عن طريق ممري الدخول، شأنه في ذلك شأن تيار في دارة كهربائية مغلقة.
الإليكترونات
الإليكترون الرئيسي
إنه من المعلوم الآن أن النيوترون هو ذلك البروتون الذي فقد قسطا من حرارته، وهو ما يعني أنه اكتسب برودة عوضها. لكن في حالة استرجاعه الحرارة الكاملة أين ستستقر البرودة التي نتجت؟ إن البرودة هنا تتمثل في الفرق الحاصل بين درجة الحرارة النهائية ودرجة الحرارة البدئية للبروتون. فمثلا لو كانت قيمة درجة حرارة البروتون البدئية هي 100° درجة وقيمة درجة حرارته النهائية هي 60° درجة فالفرق سيكون-40° إنها قيمة سالبة وهي لا تصاحب البروتون أثناء التحاقه بالنواة، بل تتجمع بشكل مكثف في المنطقة التخزين نظرا لعبور النيوترونات المستمر من ممري الخروج إلى ممري الدخول. ويتشكل عن هذا التجمع المكثف للطاقة السالبة حول النيوترون المحاصر جسما جديدا نسميه بالإليكترون الذي يتأثر بالدرجة الأولى بحركة النيوترونات المتمثلة في عبورها الثقب (النقطة ث) الذي يعد القنطرة الوحيدة أمامها لتسلك إلى النواة. فتأثير قوتا الاحتكاك على الإليكترون يدفع به إلى التذبذب ثم إلى الحركة الدورانية حول نفسه بعدما يأخذ شكله الكروي، ومحور الدوران هو المستقيم المار من مركزه والعمودي على المستقيم المار من النقطتين ن و ث.
إن للإليكترون حركة أخرى تضاف إلى الحركة الدورانية حول نفسه. وهي ناتجة عن تأثير قوة الاحتكاك وقوة الدوران على الجسم، مما يجعله يرضخ للحركة الدورانية الجديدة، انطلاقا من منطقة التخزين ومرورا بكل نقط محيط الدائرة التي مركزها ن وشعاعها ن ص . وهذه هي الحركة الثانية للإليكترون المتمثلة في دورانه حول النواة في مدار ثابت.
تعدد الإليكترونات الرئيسية
إن ظاهرة تعدد الاليكترونات عند الذرة من تلقاء نفسها تتطلب زمنا طويلا. والحالة هذه تستثنى فيها حالة الاليكترونات المكتسبة. لقد سبقت الإشارة إلى أن الذرة كدارة كهربائية مغلقة تلعب النواة فيها دور البطارية ويأخذ الإليكترون دور المصباح بينما يلعب ممري الخروج والدخول دور الأسلاك الموصلة. فما تفيدنا به هذه التجربة هو أنه مع مرور الزمن تضعف إنارة المصباح تدريجيا إلى حد انطفائها، مما يدل على أن البطارية لم تعد بها الطاقة الكافية لاشتغال المصباح، مع أنها لا تزال تحتفظ بالطاقة غير الكافية التي بإمكانها أن تشغل مصباحا أقل جهدا.
وكما سبق الذكر، تكلف عملية نشوء الإليكترون النواة خسارة في الطاقة. وهو الأمر الذي يجعل حجم هذه الأخيرة يصغر. ليصغر معه حجم المحيط الحراري النووي مما يؤدي حتما إلى ظهور فراغ بين هذا الأخير وبين ممر الدخول. وتبعا لذلك فالبروتونات التي تجد صعوبة في اجتياز ممر الخروج تستغل الفراغ الذي نتج عن صغر حجم النواة ومحيطها ثم تستخدمه كطريق جديد لها.
إن النواة هنا كالبطارية، فرغم أنها تفقد الطاقة الكافية لاشتغال الإليكترون فإنها تبقى محتفظة بالطاقة غير الكافية التي تعتبر كافية لإنشاء إليكترون جديد يقل مستواه عن مستوى سابقه. وهو الحل الوحيد أمام الذرة لكي تحافظ على توازنها، إلا أن هذه العملية تخلف وراءها احتباس نيوتروني داخل الممرين. وبعدما يشتغل الإليكترون الثاني وتضعف الطاقة في مستواه ويصغر حجم النواة، يظهر مستوى ثالث ينشأ فيه الإليكترون الثالث بعدما يمر بكل المراحل التي مرت منها الإليكترونات الرئيسية السابقة.
وتستمر عملية نشوء الإليكترونات هذه إلى حد يبقى فيه ثمانية بروتونات داخل الذرة، وهو الحد الأدنى الذي يسمح فيه للنواة بالتقلص والتمدد وبمعنى آخر بأن تنبض وتحيى.
- ففي حالة التمدد يكون بالنواة ثلاثة بروتونات وبالمحيط النيوتروني أربعة نيوترونات، إضافة إلى النيوترون المحاصر في منطقة الإليكترون.
- وفي حالة التقلص يصبح بالنواة بروتونا واحدا وبالمحيط ستة نيوترونات، إضافة إلى النيوترون المحاصر في منطقة التخزين التي تولد الإليكترون.
إن نبضات النواة تضعف تدريجيا حتى التوقف بضعف طاقة البروتون النهائي المتمركز بالنواة، الذي يقتسم طاقته مع النيوترونين اللذان يلتحقان بالنواة ليصبح عدد البروتونات ثلاثة فيحصل التنافر من جديد. وهكذا تتكرر العملية إلى غاية انقضاء كل طاقة البروتون النهائي الأمر الذي يتطلب أمدا طويلا.
إن الإليكترون الرئيسي ينشأ داخل الذرة إذا وفقط إذا كان عدد بروتونات نواتها أكبر من أو يساوي العدد ثمانية. وهو ينعت بالإليكترون النشيط لما يكون مرور النيوترونات عبر الثقب مستمرا، وخلال هذه المرحلة يصغر حجم الإليكترون تدريجيا إلى حد وصوله إلى الحجم الذي يشغله في النهاية لما ينعت بالإليكترون الساكن حيث يكون مرور النيوترونات عبر الثقب منقطعا بمعنى أن تنعدم حركة النيوترونات في اتجاه النواة. وخلال هذه المرحلة التي تصير فيها شدة قوة الاحتكاك (قوة مرور النيوترونات) تساوي الصفر، يصبح الإليكترون حرا. لكنه ورغم تخلصه من تأثير القوى الخارجية فهو لا يتوقف عن الدوران في مداره إلا في حالة ما إذا حدث طارئ.
الإليكترونات الثانوية
إن لكل إليكترون رئيسي إليكترونات ثانوية تابعة له. ففي المرحلة التي يكون فيها الإليكترون نشيطا تكون النيوترونات لتزال تعبر الثقب مما يجعل منطقة التخزين لا تتوقف عن اختزان الطاقة السالبة، التي تفقدها هذه النيوترونات المتبقية. وبعدما تتجمع هذه الطاقة السالبة في جوانب منطقة التخزين يكون حجم الإليكترون قد صغر بعد مرور وقت طويل في دورانه حول النواة، مما يجعلها تأخذ مكانها في مجال تنازل عنه الإليكترون. فتنطلق كإليكترون ثانوي يدور خط استواء الإليكترون الرئيسي ويرافقه خلال دورانه حول النواة. ويمكن أن يكون لإليكترون رئيسي أكثر من إليكترون ثانوي.
تفسير ظاهرة الانشطار النووي
كان " نيلز بوهر" أقرب العلماء إلى فهم الذرة. فقد شارك في النظرية التي تفسر كيف يكون الانشطار في نواة اليورانيوم رغم القوة الرابطة التي تمسك مفردات النواة ببعضها البعض. ولتفسير ظاهرة الانشطار تصور " بوهر" النواة كقطرة سائل تستطيل وينحف وسطها إذا ما استثيرت بقذفها بالنيوترون، وتتذبذب في هذا الوضع وتنشطر إلى شطرين متساويين مع رذاذ. فإذا قذفت ذرة اليورانيوم 235 بنيوترون فإنها تمتص هذا النيوترون الذي قذفت به ثم تنقسم قسمين وتنطلق طاقة كبيرة كما ينطلق أيضا عدد من النيوترونات. وتتفاعل النيوترونات الناتجة عن انشطار هذه الذرة مرة أخرى مع ذرات اليورانيوم المجاورة فتشطرها وتنطلق منها نيوترونات أخرى تشطر ما يجاورها وهكذا يتسلسل الانشطار عند تعدد ذرات اليورانيوم 235.
إن تفسيره هذا لا يبين المراحل التي تحدث بالذرة بعد امتصاصها للنيوترون وقبل انشطارها. لهذا سأقوم بتوضيح ذلك على ضوء النظرية التي وضعتها لتفسير مركبات الذرة مع كيفية حساب أبعاد الذرة.
تعريف الذرة
الذرة جسم كروي صغير الحجم. تتكون من نواة، مليئة بالبروتونات وبها شق طوله ثلث محيطها، و محيط حراري نووي ثم محيط نيوتروني يحتوي على ممرين، الأول للخروج والثاني للدخول، وأخيرا الإليكترونات التي تدور بانتظام حول كل هذه المكونات التي يربطها فيما بينها نظام جد محكم يسمى بالقانون الأساسي لتركيب الذرة. وهي تماثلية لكونها تنقسم إلى نصفين متماثلين حسب المستوى الذي ينتمي إليه طول الشق. وتلعب البروتونات دورا رئيسيا في تكوين الذرة فهي تعمل بداخلها وكأنها في دارة كهربائية مغلقة مكونة من بطارية وأسلاك ثم جهاز مستهلك للطاقة. هذا، بالإضافة إلى أن للذرة نبض خاص، فنواتها تنبض كما ينبض القلب عند الإنسان.
مركبات الذرة
تتركب الذرة من ثلاثة مركبات رئيسية هي: النواة، المحيط النيوتروني والإليكترونات.
النواة :
هي كرة مليئة بأجسام صغيرة محملة بالطاقة تسمى بروتونات ويحيط حولها محيط حراري. ونظرا لحالة عدم الاستقرار التي تعيشها النواة نتيجة التنافر الحاصل بين البروتونات المتشابهة الشحنة المستقرة بداخلها، يحدث تشقق يقارب طوله ثلث محيط غشاء النواة بسبب الضغط الحاصل على النواة من الداخل.
ويعرف هذا الشق اندفاع مفرط للبروتونات من داخل النواة إلى خارجها في حركة مستقيمية يتحدد مجالها من مركز النواة إلى غاية النقطة ص كما يظهر في الشكل أدناه.
وانطلاقا من هذه النقطة تنقسم حركة البروتونات المستقيمية في المجال[ن ص] إلى حركتين دائريتين متماثلتين، حسب المحور العمودي على الشق حيث تنسب الذرة إلى معلم متعامد وممنظم، وسبب هذا التغيير لحركة البروتونات هو تأثير الظروف الخارجية المغايرة للوسط الأصلي حيث تبحث البروتونات الثائرة عن طريق لحفظ طاقتها.
إن الطريق الوحيد الذي يوجد أمام البروتونات، الذي قد يحقق لها التوازن ويحافظ على طاقتها من تأثير الوسط الخارجي، هو مسارها الدائري المحاذي للمحيط الحراري النووي بشكل تماثلي، لكن الأمر الذي يجعل البروتونات تسير دون أن تبتعد عن المكان الذي انبثقت منه لا يعني أن طاقتها سوف تحفظ بالكامل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حجم النواة يصغر تناسبا مع ما تفقده هذه الأخيرة من البروتونات التي تعبر الشق وهذا ما يجعل حجم المحيط الحراري النووي يصغر هو الآخر.
مقاطع عرضية لمراحل نشأة الذرة
المحيط النيوتروني
ممر الخروج :
هو مسار ينقل البروتونات بعد خروجها من النواة من النقطة ص إلى النقطة ث. فأول أمر هام هنا هو أن شحنة البروتون داخل هذا الممر تتناقص فلو رمزنا لقيمة شحنة البروتون داخل النواة بالقيمة " ز" فإن قيمة هذه الشحـنة في ممر الخروج ستـصبح " ز-1 " ف" ز-2 " ثم " ز- 3 " وهكذا إلى غاية وصـولها إلى أدنى قيمة لها والتي تتناسـب مع حركة البروتون داخـل المـجال[ص ث]. وثاني أمر هام هو أن النقص الذي يعرفه البروتون في شحنته داخل ممر الخروج يجعله يختلف من حيث الخاصية عن البروتون داخل النواة. ولهذا، حتى لا نقع في الخلط سنرمز للبروتون خارج النواة بالنيوترون، ونقول أن البروتون يتحول إلى نيوترون مباشرة بعد خروجه من النواة. وعلى العموم فالنيوترون هو ذلك البروتون الذي فقد قسطا من طاقته خلال عبوره ممر الخروج. أما ثالث أمر هام فهو يتعلق بعملية التجاذب الحاصلة بين ممر الخروج والمحيط الحراري النووي والتي تشبه التجاذب الذي يحصل عادة بين الشحن الموجبة والشحن السالبة. إن طبيعة مسار النيوترونات الدائري ظهرت استجابة لتأثير المحيط الحراري عليها، فالنيوترونات تبحث عن طريق هذه الحركة عن منفذ لها إلى داخل النواة من أجل غاية واحدة هي استرجاع الطاقة التي سبق لها أن فقدتها وهو ما يجعل مسارها يقترب أكثر من المحيط الحراري النووي.
المنطقة إ ( التخزين ) :
إن المنطقة إ هي نهاية ممري الخروج المتماثلين وفي نفس الوقت تعد مكان التقائهما. هذا، بالإضافة إلى أنها تعتبر محطة تخزين النيوترونات الوافدة من الممرين. غير أن تكاثف هذه الأخيرة في هذه المنطقة سيؤثر حتما على حركة التيارين المتماثلين اللذان لهما نفس شدة القوة، ذلك لأنها تمثل سدا يمنع استمرارية حركتيهما، مما يضاعف شدة الضغط في هذه المنطقة التي مع مرور الوقت تتكدس نظرا لعدم توقف الممرين من نقل النيوترونات إليها. وهذا ما قد يؤدي إلى إجهاض عملية نشوء الذرة، بسبب قوة الاصطدام الهائلة الحاصلة بين التيارين المتماثلين، إن لم تجد النيوترونات مسلكا لها. خلال هذه المرحلة تكون النيوترونات قد توقفت عن الحركة على مستوى منطقة التخزين وهي عاجزة عن اتخاذ حركة معاكسة داخل نفس الممر السابق نظرا لضعف قوتها أمام قوة التيار الذي يحملها كما هي عاجزة كذلك عن اختراق المحيط الحراري النووي مباشرة. وتبعا لهذه الدوافع تحتك النيوترونات على مستوى النقطة ث مع المحيط الحراري للنواة. وتزداد قوة التماس مع ازدياد قوة الضغط إلى أن تستجيب النيوترونات لهذين التأثيرين، فكأنها تستعيد بفضليهما قسطا من طاقتها وتتأهب لحركة جديدة. إن تأثير المحيط الحراري على النيوترونات المتماسة له وحده غير كاف لخلق حركة جديدة، لكن لو أضيف إليه تأثير الضغط الشديد المسلط عليها في هذه المنطقة ستتمكن هذه الأخيرة من اختراق ممر آخر قد يحقق لها التوازن.
فأي ممر يمكن النيوترونات من الوصول إلى النواة؟
ممر الدخول :
لا يوجد أمام النيوترونات أي طريق ينقلها إلى النواة سوى المجال الضيق جدا الذي يفصل بين المحيط الحراري النووي وممر الخروج، فاحتكاكها مع مجال حراري يزيد من حرارتها وبازدياد الضغط تزداد حركتها الدائرية التي تخترق على إثرها الممر الجديد كما تخترق يد الجزار جلد الكبش عن لحمه. وكلما ابتعدت عن المنطقة إ واقتربت من المركز كلما ارتفعت درجة حرارتها. وهكذا تستمر هذه العملية إلى أن تكتسب النيوترونات كل طاقتها لتتحول إلى بروتونات مباشرة بعد وصولها إلى النواة. وهنا نكون قد حصلنا على حركة مستمرة لتيار تولده النواة، يسير في ممري الخروج عابرا المنطقة إ ومتجها إلى النواة عن طريق ممري الدخول، شأنه في ذلك شأن تيار في دارة كهربائية مغلقة.
الإليكترونات
الإليكترون الرئيسي
إنه من المعلوم الآن أن النيوترون هو ذلك البروتون الذي فقد قسطا من حرارته، وهو ما يعني أنه اكتسب برودة عوضها. لكن في حالة استرجاعه الحرارة الكاملة أين ستستقر البرودة التي نتجت؟ إن البرودة هنا تتمثل في الفرق الحاصل بين درجة الحرارة النهائية ودرجة الحرارة البدئية للبروتون. فمثلا لو كانت قيمة درجة حرارة البروتون البدئية هي 100° درجة وقيمة درجة حرارته النهائية هي 60° درجة فالفرق سيكون-40° إنها قيمة سالبة وهي لا تصاحب البروتون أثناء التحاقه بالنواة، بل تتجمع بشكل مكثف في المنطقة التخزين نظرا لعبور النيوترونات المستمر من ممري الخروج إلى ممري الدخول. ويتشكل عن هذا التجمع المكثف للطاقة السالبة حول النيوترون المحاصر جسما جديدا نسميه بالإليكترون الذي يتأثر بالدرجة الأولى بحركة النيوترونات المتمثلة في عبورها الثقب (النقطة ث) الذي يعد القنطرة الوحيدة أمامها لتسلك إلى النواة. فتأثير قوتا الاحتكاك على الإليكترون يدفع به إلى التذبذب ثم إلى الحركة الدورانية حول نفسه بعدما يأخذ شكله الكروي، ومحور الدوران هو المستقيم المار من مركزه والعمودي على المستقيم المار من النقطتين ن و ث.
إن للإليكترون حركة أخرى تضاف إلى الحركة الدورانية حول نفسه. وهي ناتجة عن تأثير قوة الاحتكاك وقوة الدوران على الجسم، مما يجعله يرضخ للحركة الدورانية الجديدة، انطلاقا من منطقة التخزين ومرورا بكل نقط محيط الدائرة التي مركزها ن وشعاعها ن ص . وهذه هي الحركة الثانية للإليكترون المتمثلة في دورانه حول النواة في مدار ثابت.
تعدد الإليكترونات الرئيسية
إن ظاهرة تعدد الاليكترونات عند الذرة من تلقاء نفسها تتطلب زمنا طويلا. والحالة هذه تستثنى فيها حالة الاليكترونات المكتسبة. لقد سبقت الإشارة إلى أن الذرة كدارة كهربائية مغلقة تلعب النواة فيها دور البطارية ويأخذ الإليكترون دور المصباح بينما يلعب ممري الخروج والدخول دور الأسلاك الموصلة. فما تفيدنا به هذه التجربة هو أنه مع مرور الزمن تضعف إنارة المصباح تدريجيا إلى حد انطفائها، مما يدل على أن البطارية لم تعد بها الطاقة الكافية لاشتغال المصباح، مع أنها لا تزال تحتفظ بالطاقة غير الكافية التي بإمكانها أن تشغل مصباحا أقل جهدا.
وكما سبق الذكر، تكلف عملية نشوء الإليكترون النواة خسارة في الطاقة. وهو الأمر الذي يجعل حجم هذه الأخيرة يصغر. ليصغر معه حجم المحيط الحراري النووي مما يؤدي حتما إلى ظهور فراغ بين هذا الأخير وبين ممر الدخول. وتبعا لذلك فالبروتونات التي تجد صعوبة في اجتياز ممر الخروج تستغل الفراغ الذي نتج عن صغر حجم النواة ومحيطها ثم تستخدمه كطريق جديد لها.
إن النواة هنا كالبطارية، فرغم أنها تفقد الطاقة الكافية لاشتغال الإليكترون فإنها تبقى محتفظة بالطاقة غير الكافية التي تعتبر كافية لإنشاء إليكترون جديد يقل مستواه عن مستوى سابقه. وهو الحل الوحيد أمام الذرة لكي تحافظ على توازنها، إلا أن هذه العملية تخلف وراءها احتباس نيوتروني داخل الممرين. وبعدما يشتغل الإليكترون الثاني وتضعف الطاقة في مستواه ويصغر حجم النواة، يظهر مستوى ثالث ينشأ فيه الإليكترون الثالث بعدما يمر بكل المراحل التي مرت منها الإليكترونات الرئيسية السابقة.
وتستمر عملية نشوء الإليكترونات هذه إلى حد يبقى فيه ثمانية بروتونات داخل الذرة، وهو الحد الأدنى الذي يسمح فيه للنواة بالتقلص والتمدد وبمعنى آخر بأن تنبض وتحيى.
- ففي حالة التمدد يكون بالنواة ثلاثة بروتونات وبالمحيط النيوتروني أربعة نيوترونات، إضافة إلى النيوترون المحاصر في منطقة الإليكترون.
- وفي حالة التقلص يصبح بالنواة بروتونا واحدا وبالمحيط ستة نيوترونات، إضافة إلى النيوترون المحاصر في منطقة التخزين التي تولد الإليكترون.
إن نبضات النواة تضعف تدريجيا حتى التوقف بضعف طاقة البروتون النهائي المتمركز بالنواة، الذي يقتسم طاقته مع النيوترونين اللذان يلتحقان بالنواة ليصبح عدد البروتونات ثلاثة فيحصل التنافر من جديد. وهكذا تتكرر العملية إلى غاية انقضاء كل طاقة البروتون النهائي الأمر الذي يتطلب أمدا طويلا.
إن الإليكترون الرئيسي ينشأ داخل الذرة إذا وفقط إذا كان عدد بروتونات نواتها أكبر من أو يساوي العدد ثمانية. وهو ينعت بالإليكترون النشيط لما يكون مرور النيوترونات عبر الثقب مستمرا، وخلال هذه المرحلة يصغر حجم الإليكترون تدريجيا إلى حد وصوله إلى الحجم الذي يشغله في النهاية لما ينعت بالإليكترون الساكن حيث يكون مرور النيوترونات عبر الثقب منقطعا بمعنى أن تنعدم حركة النيوترونات في اتجاه النواة. وخلال هذه المرحلة التي تصير فيها شدة قوة الاحتكاك (قوة مرور النيوترونات) تساوي الصفر، يصبح الإليكترون حرا. لكنه ورغم تخلصه من تأثير القوى الخارجية فهو لا يتوقف عن الدوران في مداره إلا في حالة ما إذا حدث طارئ.
الإليكترونات الثانوية
إن لكل إليكترون رئيسي إليكترونات ثانوية تابعة له. ففي المرحلة التي يكون فيها الإليكترون نشيطا تكون النيوترونات لتزال تعبر الثقب مما يجعل منطقة التخزين لا تتوقف عن اختزان الطاقة السالبة، التي تفقدها هذه النيوترونات المتبقية. وبعدما تتجمع هذه الطاقة السالبة في جوانب منطقة التخزين يكون حجم الإليكترون قد صغر بعد مرور وقت طويل في دورانه حول النواة، مما يجعلها تأخذ مكانها في مجال تنازل عنه الإليكترون. فتنطلق كإليكترون ثانوي يدور خط استواء الإليكترون الرئيسي ويرافقه خلال دورانه حول النواة. ويمكن أن يكون لإليكترون رئيسي أكثر من إليكترون ثانوي.
تفسير ظاهرة الانشطار النووي
كان " نيلز بوهر" أقرب العلماء إلى فهم الذرة. فقد شارك في النظرية التي تفسر كيف يكون الانشطار في نواة اليورانيوم رغم القوة الرابطة التي تمسك مفردات النواة ببعضها البعض. ولتفسير ظاهرة الانشطار تصور " بوهر" النواة كقطرة سائل تستطيل وينحف وسطها إذا ما استثيرت بقذفها بالنيوترون، وتتذبذب في هذا الوضع وتنشطر إلى شطرين متساويين مع رذاذ. فإذا قذفت ذرة اليورانيوم 235 بنيوترون فإنها تمتص هذا النيوترون الذي قذفت به ثم تنقسم قسمين وتنطلق طاقة كبيرة كما ينطلق أيضا عدد من النيوترونات. وتتفاعل النيوترونات الناتجة عن انشطار هذه الذرة مرة أخرى مع ذرات اليورانيوم المجاورة فتشطرها وتنطلق منها نيوترونات أخرى تشطر ما يجاورها وهكذا يتسلسل الانشطار عند تعدد ذرات اليورانيوم 235.
إن تفسيره هذا لا يبين المراحل التي تحدث بالذرة بعد امتصاصها للنيوترون وقبل انشطارها. لهذا سأقوم بتوضيح ذلك على ضوء النظرية التي وضعتها لتفسير مركبات الذرة مع كيفية حساب أبعاد الذرة.