رسومات الأطفال.. وسيلة للتعبير عن شعورهم
يعد الرسم، كما الكلام، وسيلة للتواصل، لكنها وسيلة تتطلب الكثير من التركيز لفك رموزها بطريقة صحيحة غير متسرعة.
ان الرسم، ودون شعور من الطفل، يكشف بغض النظر عن جانبه الفني الصرف، عن همومه وأحساسيه، فالألوان التي يستعملها الطفل، وقوة خطوطه، والمكان الذي يمنحه لرسوماته على مساحة الورق »تتكلم«، غير أنه على الآباء ألا يحاولوا قراءة رسومات أطفالهم بسرعة وتحميلها مضامين سيكولوجية، بل على العكس عليهم بادئ الأمر ان يروا فيها هدية يقدمونها إليهم، فمن غير المستحب تحليلها، وإذا ما أحس الطفل بأن رسومه تعني شيئاً معيناً، فسيعتبر الأمر تطفلاً على خصوصياته وحميميته ولربما امتنع على الرسم كلياً، لكن بالمقابل سيكون سعيدا لو اعطيت له فرصة للتعليق على رسوماته، وبالتالي ستخلق وسيلة أخرى للتواصل معه.
من الخربشات الى رسم الشخوص
فحسبما نشر في مجلة Enfant الفرنسية فإن الخربشات في السنة الأولى هي عبارة عن خطوط في جميع الاتجاهات، وفي السنة الثانية، مرحلة التقليد عند الطفل، حيث يرسم غالب الأحيان حلقات يعتبرها تمثيلاً لكتابة والديه خصوصا والبالغين عموما.
في سنته الثالثة، ينجز الطفل اولى رسوماته التي يجسد فيها الرجل ذا الرأس الكبيرة يتشكل من دائرتين، دائرة صغيرة للرأس، وأخرى كبيرة للجذع، وخطوط على شكل عصي للرجلين واليدين، وتتحسن صورة »الرجل« مع نمو الطفل، حيث يضيف الى »رَجله« العينين والفم على شكل نقط او دوائر صغيرة جدا ثم بعدها الأذنين والأنف.
ما بين سنته الخامسة والسادسة، يأخذ »الرجل« شكل الانسان، ورغم ان الطفل لم يتقن بعد تشكيل الجسد، لكن اليدين والرجلين موضوعة نسبياً بطريقة جيدة على الجذع، مما يضفي التناسق على الرسم. كما يشرع في رسم الملابس.
في سنته السابعة، يضيف الطفل البعد الجانبي في رسوماته، والى حدود الثانية عشرة سنة تكون رسوماته أكثر واقعية، بما انه سيحاول رسم كل ما يراه ويحيط به.
أدواته في الرسم
الورقة: ان للمكان الذي يمنحه الطفل لرسمه على الورق دلالة معينة، حيث يمثل يسار الورقة الحاضر والطفل نفسه، بينما يمثل يمين الورقة المستقبل وتعلق الطفل بوالده.
الخطوط: كما تكشف الكتابة عن شخصية البالغ، فإن الخطوط التي يستعملها الطفل لها رمزيتها ودلالتها؛ فعندما تكون دقيقة وغير واضحة فهي تدل على خجل الطفل وميله للتحفظ، وعندما تكون واضحة وحادة فهي علامة على جنوح الطفل نحو العدوانية، ويوجد التوازن بين هذين النوعين من الخطوط.
الألوان: يكتشف الطفل الألوان في الحضانة ويجربها جميعها، دون تفضيل لون على باقي الألوان، وفي الصف الابتدائي يختار الطفل ألوانا معينة (من أربعة ألوان الى ستة في المتوسط تكون عموما ألوانا فاقعة)، لكن على الآباء ان يأخذوا بعين الاعتبار نصائح المدرس او المدرسة بخصوص الألوان اللازمة لإنجاز رسم معين.
"بورتريهات" الأطفال
الطفل المتوازن: تتميز خطوطه بأنها واضحة ومسيطر على حدتها، كما انه يستعمل ألوانا معبرة وهّاجة، حوالي أربعة ألوان أو ستة، ويميل الى الرسم في وسط الورقة، وشكل »رَجله« متجانس.
الطفل الشديد الحركة: يحتاج الى العديد من الأوراق، رغم انه لا ينهي كل ما بدأه، ويستعمل العديد من الألوان، مفضلا بالخصوص الأحمر والبرتقالي والأصفر والأبيض.
الطفل العدواني: يميل عادة الى تمزيق وتقطيع رسوماته، وتمثل أغلبية شخوصه »الأشرار« (لصوص، قواصنة..) يرسمها بأفواه كبيرة تظهر أسنانها. ويجد هذا النوع من الأطفال صعوبة في التحكم في خطوطه بحيث يشد بقوة على القلم محدثاً بذلك ثقوباً بالورقة. الطفل المريض او المعاق: يستعمل ألواناً باهتة وحزينة، فالطفل الأصم مثلا يرسم شخوصاً دون آذان أو بآذان كبيرة جداً.
الطفل الذي تعرض لسوء
المعاملة: تأخذ شخوص رسوماته أشكالاً مختلفة، حيث يرسم شخوصا مبتورة الأعضاء او مهملة، او أجساداً غير متناسقة، مظهرا بذلك أزمته وعدم قدرته على حماية نفسه من الاعتداءات، ويتكرر اللونان الأحمر والأسود في رسوماته.
"لغة" الأشياء المرسومة
تماما كالخطوط والألوان، فإن الأشياء التي يرسمها الطفل »تتكلم«..
المنزل: في وسط الورقة وبنوافذ يمكن اعتباره علامة على توازن الطفل؛ لأن طفلاً والداه منفصلان، يرسم منزلين على ورقة واحدة معبرا عن منزل والدته، ومنزل والده، بينما يرسم الطفل اليتيم منزلاً دون باب أو نوافذ معبرا عن مشكلته في التواصل مع العالم الخارجي.
الشمس: تمثل على العموم الأب، وعندما يرسمها الطفل ساطعة ومكللة بالأشعة فهذا يعني ان علاقته بأبيه جيدة.
الماء: يتكرر في رسومات الأطفال الذين يعانون من سلس البول.
الحيونات المفترسة: من كانت حاضرة في رسوماته، فهو طفل مفزوع وخائف، وبالمقابل فإن الأسماك هي علامة على ارتياح نفسية الطفل.
الآباء: يعطي الطفل لوالديه قيمة خاصة في رسوماته عندما تكون علاقته بهما جيدة، لكن في حالة صراعه مع أحدهما أو كليهما، فإنه يضعهما في منزلة ثانوية على الورقة، أو قد لا يرسمها، ولربما منحهما شكل حيوان أو آلي .
جريدة الايام - 27 ديسمبر 2006
يعد الرسم، كما الكلام، وسيلة للتواصل، لكنها وسيلة تتطلب الكثير من التركيز لفك رموزها بطريقة صحيحة غير متسرعة.
ان الرسم، ودون شعور من الطفل، يكشف بغض النظر عن جانبه الفني الصرف، عن همومه وأحساسيه، فالألوان التي يستعملها الطفل، وقوة خطوطه، والمكان الذي يمنحه لرسوماته على مساحة الورق »تتكلم«، غير أنه على الآباء ألا يحاولوا قراءة رسومات أطفالهم بسرعة وتحميلها مضامين سيكولوجية، بل على العكس عليهم بادئ الأمر ان يروا فيها هدية يقدمونها إليهم، فمن غير المستحب تحليلها، وإذا ما أحس الطفل بأن رسومه تعني شيئاً معيناً، فسيعتبر الأمر تطفلاً على خصوصياته وحميميته ولربما امتنع على الرسم كلياً، لكن بالمقابل سيكون سعيدا لو اعطيت له فرصة للتعليق على رسوماته، وبالتالي ستخلق وسيلة أخرى للتواصل معه.
من الخربشات الى رسم الشخوص
فحسبما نشر في مجلة Enfant الفرنسية فإن الخربشات في السنة الأولى هي عبارة عن خطوط في جميع الاتجاهات، وفي السنة الثانية، مرحلة التقليد عند الطفل، حيث يرسم غالب الأحيان حلقات يعتبرها تمثيلاً لكتابة والديه خصوصا والبالغين عموما.
في سنته الثالثة، ينجز الطفل اولى رسوماته التي يجسد فيها الرجل ذا الرأس الكبيرة يتشكل من دائرتين، دائرة صغيرة للرأس، وأخرى كبيرة للجذع، وخطوط على شكل عصي للرجلين واليدين، وتتحسن صورة »الرجل« مع نمو الطفل، حيث يضيف الى »رَجله« العينين والفم على شكل نقط او دوائر صغيرة جدا ثم بعدها الأذنين والأنف.
ما بين سنته الخامسة والسادسة، يأخذ »الرجل« شكل الانسان، ورغم ان الطفل لم يتقن بعد تشكيل الجسد، لكن اليدين والرجلين موضوعة نسبياً بطريقة جيدة على الجذع، مما يضفي التناسق على الرسم. كما يشرع في رسم الملابس.
في سنته السابعة، يضيف الطفل البعد الجانبي في رسوماته، والى حدود الثانية عشرة سنة تكون رسوماته أكثر واقعية، بما انه سيحاول رسم كل ما يراه ويحيط به.
أدواته في الرسم
الورقة: ان للمكان الذي يمنحه الطفل لرسمه على الورق دلالة معينة، حيث يمثل يسار الورقة الحاضر والطفل نفسه، بينما يمثل يمين الورقة المستقبل وتعلق الطفل بوالده.
الخطوط: كما تكشف الكتابة عن شخصية البالغ، فإن الخطوط التي يستعملها الطفل لها رمزيتها ودلالتها؛ فعندما تكون دقيقة وغير واضحة فهي تدل على خجل الطفل وميله للتحفظ، وعندما تكون واضحة وحادة فهي علامة على جنوح الطفل نحو العدوانية، ويوجد التوازن بين هذين النوعين من الخطوط.
الألوان: يكتشف الطفل الألوان في الحضانة ويجربها جميعها، دون تفضيل لون على باقي الألوان، وفي الصف الابتدائي يختار الطفل ألوانا معينة (من أربعة ألوان الى ستة في المتوسط تكون عموما ألوانا فاقعة)، لكن على الآباء ان يأخذوا بعين الاعتبار نصائح المدرس او المدرسة بخصوص الألوان اللازمة لإنجاز رسم معين.
"بورتريهات" الأطفال
الطفل المتوازن: تتميز خطوطه بأنها واضحة ومسيطر على حدتها، كما انه يستعمل ألوانا معبرة وهّاجة، حوالي أربعة ألوان أو ستة، ويميل الى الرسم في وسط الورقة، وشكل »رَجله« متجانس.
الطفل الشديد الحركة: يحتاج الى العديد من الأوراق، رغم انه لا ينهي كل ما بدأه، ويستعمل العديد من الألوان، مفضلا بالخصوص الأحمر والبرتقالي والأصفر والأبيض.
الطفل العدواني: يميل عادة الى تمزيق وتقطيع رسوماته، وتمثل أغلبية شخوصه »الأشرار« (لصوص، قواصنة..) يرسمها بأفواه كبيرة تظهر أسنانها. ويجد هذا النوع من الأطفال صعوبة في التحكم في خطوطه بحيث يشد بقوة على القلم محدثاً بذلك ثقوباً بالورقة. الطفل المريض او المعاق: يستعمل ألواناً باهتة وحزينة، فالطفل الأصم مثلا يرسم شخوصاً دون آذان أو بآذان كبيرة جداً.
الطفل الذي تعرض لسوء
المعاملة: تأخذ شخوص رسوماته أشكالاً مختلفة، حيث يرسم شخوصا مبتورة الأعضاء او مهملة، او أجساداً غير متناسقة، مظهرا بذلك أزمته وعدم قدرته على حماية نفسه من الاعتداءات، ويتكرر اللونان الأحمر والأسود في رسوماته.
"لغة" الأشياء المرسومة
تماما كالخطوط والألوان، فإن الأشياء التي يرسمها الطفل »تتكلم«..
المنزل: في وسط الورقة وبنوافذ يمكن اعتباره علامة على توازن الطفل؛ لأن طفلاً والداه منفصلان، يرسم منزلين على ورقة واحدة معبرا عن منزل والدته، ومنزل والده، بينما يرسم الطفل اليتيم منزلاً دون باب أو نوافذ معبرا عن مشكلته في التواصل مع العالم الخارجي.
الشمس: تمثل على العموم الأب، وعندما يرسمها الطفل ساطعة ومكللة بالأشعة فهذا يعني ان علاقته بأبيه جيدة.
الماء: يتكرر في رسومات الأطفال الذين يعانون من سلس البول.
الحيونات المفترسة: من كانت حاضرة في رسوماته، فهو طفل مفزوع وخائف، وبالمقابل فإن الأسماك هي علامة على ارتياح نفسية الطفل.
الآباء: يعطي الطفل لوالديه قيمة خاصة في رسوماته عندما تكون علاقته بهما جيدة، لكن في حالة صراعه مع أحدهما أو كليهما، فإنه يضعهما في منزلة ثانوية على الورقة، أو قد لا يرسمها، ولربما منحهما شكل حيوان أو آلي .
جريدة الايام - 27 ديسمبر 2006