<BLOCKQUOTE>شخصية يمانية شهيرة، وعلم من أعلام اليمن في القرن العشرين الميلادي، وأديب بارع نابغة، وعالم فقيه، ومثقف واسع الاطلاع، ومؤرخ وكاتب متنوع الثقافة والمعرفة، وصاحب رؤى وطروحات وآراء تجديدية جمعت بين الأصالة والمعاصرة ومفكر غني الفكرة مع عمق إدراك ومخزن معلومات متنوعة، وصاحب أنفاس تربوية.
برز وتميز وبز أقرانه في عالم الأدب (نثرا وشعرا) فهو نابغة الشعر، وشعره في الذروة، وله فيه القدح المعلى، إذ كان صاحب ذوق أدبي رفيع يختار عباراته وكلماته الرشيقة اختيارا، وينتقيها انتقاء، ثم يقوم بإخراجها إخراجا جميلا بالغ الروعة والجمال، حتى لكأنه النحلة تمتص رحيق الأزهار، وتخرجه للناس عسلا مصفى، فيه شفاء وغذاء.
والغريب أن تألق بعكر ولمعان نجمه جاء بعد إصابته المتأخرة بالعمى إثر حادثة لا داعي لذكرها هنا، فلما عمي انقدحت أفكاره، وطهر معدنه، وفتح الله عليه فكان العمى له فتنة أظهرت حقيقته، وهي بمثابة النار حين يعرض عليها الذهب فتظهر معدنه الأصيل.
ولا شك أن تهاميته بعد فضل الله عليه ثم مثابرته وهمته كان لها أثر كبير في نبوغه، فإذا كانت اليمن هي بلد المليون شاعر -كما يقال- فإن تهامة صاحبة الحظ الأوفر وسهم الأسد من هذا المليون.
ولو كان عبدالرحمن بعكر ليس يمنيا لكان له شأن وأي شأن، ولأطبقت شهرته الآفاق، ولكن أحوال اليمن الحالية المأساوية جعلت منها مقبرة للإبداع والمبدعين، وعلى الأقل في خارج اليمن يحظى الأديب باهتمام بالغ وإن كان متأخرا يأتي بعد موته كما قال مفكر الشرق جمال الدين الأفغاني: (الأديب في الشرق يموت حيا ويحيا ميتا) لكنه في اليمن يموت حيا ويموت ميتا.
وهذه نماذج من أدب بعكر أورده للتأكيد على ما قلته آنفا من نبوغ هذا الجهبذ، فمن باقة أناشيد أهداها لأجيال اليمن وتحت عنوان (العدل) قال:
يوم ضاع العدل عانينا الضياعا
واحتوى الشيطان بالإفك الرعاعا
حققوا العدل قضاء واجتماعا
فاحسموا الخطب الذي عم وشاعا
يا تقى الفاروق تدعوك المحاكم
يا زكاة الله يا غيث المواسم
أطفئ الأحقاد واجتثي الشرور
وعن صلاح الدين الأيوبي يقول:
كان كرديا حمى مجد العروبة
فلتعي قومية اليوم الغريبة
خاص باسم الله في الله حروبه
وبه أطلق طاقات الكتيبة
هكذا تسترجع الأرض السليبة
ومن مقدمته لديوان شعره أجراس واعتذار بأن شعره هذا الإيقاظي أورده مرجئا سائر الأغراض الأخرى إلى فرصة قريبة فقال: أقدمها مجتمعة في ود ووضوح وتعشق للحقيقة, في ود لأننا جميعا أبناء اليمن الواحد، والتاريخ الواحد والمصير الواحد واللغة الواحدة، ولأن تتجمر الكلمات ويشتعل الحرف أحيانا، فإنما هو للحرص على التزام الجادة والإشفاق من مهاوي الهلاك, وفي وضوح لأن الغموض هو الوأد المعاصر للكلمة والشاعر والجمهور.
وفي تعشق للحقيقة لأنها لغة الفطرة، وقوام الكون الذي قامت عليه السماوات والأرض). أ.هـ.
عاش فقيرا خامل الذكر، بعيدا عن الأضواء، وعن ضجيج الحياة، منعزلا في بيته البسيط المتواضع، في مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة، وعاش حياته مجاهدا، ومنافحا ومناضلا بقلمه ولسانه في سبيل الحق وللحق.
وهذه نبذة تعريفية مختصرة عن هذا الجهبذ، أخذت بعضها من ترجمة نشرت له في ديوانه أجراس:
- ولد عام 1364هـ من أصول تعود إلى حضرموت، في مديرية حيس محافظة الحديدة وتلقى تعليمه بزبيد في عام 1387هـ.
- درس بصنعاء بمدرستها الثانوية عام 1379هـ وتلقى دراسته في الشريعة والعربية بهجرة (التريبة) المشهورة بالعلم في زبيد.
- من مؤلفاته المطبوعة والمنشورة: ديوان شعر بعنوان أجراس -اليمن والضمادات المطلوبة -الثائر الشهيد محمد محمود الزبيري -ثمانون عاما في حياة النعمان -الرجل الذي أحبه الحرم والهرم -كواكب يمنية في سماء الإسلام- وغيرها..
</BLOCKQUOTE>