لايفوتكم أخطار الزئبق
ظن الكيميائيون القدامى أن الزئبق قادر على تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب.. فأجروا عليه آلاف التجارب منذ أمد بعيد.. إلا أن اعتقاداتهم ذهبت أدراج الرياح، حيث اكتشف العلامة المسلم "أبو بكر الرازي" إلى الآثار الضارة للزئبق وذكر في كتابه "الحاوي" إجراءه عدة تجارب على القردة بهدف دراسة تأثير سمية الزئبق ومركباته قبل أن يقدم على استعماله في صناعة الأدوية.
ومع التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية في مجال الصناعة.. بدأت تظهر للزئبق آثاره الضارة وأصبح محط دراسات وأبحاث واسعة.
الزئبق عنصر كيميائي يحمل الرمز Hg وهو فلز فضي اللون، وعلى نقيض الفلزات الأخرى فإنه سائل في درجة حرارة الغرفة، والزئبق ينساب بسهولة وسرعة مما أدى إلى تسميته أحياناً بالفضة السريعة. ولا يعرف من الذي اكتشف الزئبق، ولكنه كان معروفاً عند قدماء الصينيين والمصريين والإغريق والهندوس والرومان. يبلغ وزن الزئبق الذري 200,59 وعدده الذري 80. ينصهر الزئبق عند درجة حرارة 38,87 ويغلي عند درجة 356,58م
الزئبق سم تراكمي ولا يوجد مانع يمنع وصوله إلى خلايا المخ فيتركز في مركز الألم في المخ وفي الجهاز العصبي المركزي. ووجود الزئبق فيه يمكن أن يمنع كلا من وصول المواد الغذائية إلى الخلايا والتخلص من العضلات خارجها. ويمكن للزئبق أن يتحد بخلايا المناعة فيدمرها ويعطل الاستجابة المناعية الطبيعية، وهذا قد يكون عاملاً وراء حدوث أمراض المناعة الذاتية. ووجود كميات كبيرة من الزئبق في الجسم قد يؤدي إلى حدوث التهاب المفاصل واكتئاب والتهاب الجلد ودوار وإرهاق وأمراض اللثة وسقوط الشعر وأرق وفقد الذاكرة وضعف العضلات، وزيادة إفراز اللعاب، واضطراب في نشاط الانزيمات يؤدي إلى العمى والشلل. وأعراض التسمم بالزئبق قد تشبه أعراض مرض التصلب المتعددة.
ما هي مصادر الزئبق؟
يوجد الزئبق بكميات قليلة في القشرة الأرضية مقارنة بغيره من الفلزات الأخرى، وعلى الرغم من قلة وجوده، إلا أن الرواسب التي تحتوي على الزئبق بها كميات كبيرة من هذه المادة مما يجعله موجوداً بوفرة. ومعظم الزئبق الذي يستخدمه الناس يأتي من خام يسمى الزنجفر. وللحصول على الزئبق النقي يسخن الزنجفر في تيار من الهواء فيتفاعل أكسجين الهواء مع الكبريت الموجود في خام الزنجفر (الزنجفر مكون من زئبق وكبريت( مكوناً غاز ثاني أكسيد الكبريت تاركاً الزئبق النقي خلفه.
يقسم الكيميائيون مركبات الزئبق إلى مجموعتين هي:
1) مركبات الزئبقوز أو الزئبق I
2)مركبات الزئبقيك أو الزئبق II
وتشمل مركبات الزئبقوز كلوريد الزئبقوز (Hg2 Cl2) ويعرف باسم الكالوميل، وكبريتات الزئبقوز (hg2 SO2). ويستخدم الكالوميل مطهراً لقتل البكتريا. كما يستخدم الكيميائيون كبريتات الزئبقوز لزيادة سرعة الكشف على بعض المركبات العضوية.
وتشمل مركبات الزئبقيك كلوريد الزئبقيك (Hg Cl2) وهو مركب شديد السمية ويعرف بالسليماني، وقد استخدمه الجراحون في السابق لتطهير الجروح.
ويستخدم مركب فولمينات الزئبقيك (Hg زOCNس2 في صناعة جميع أنواع الذخائر وذلك لتفجير المادة المتفجرة. كما يستخدم كبريتد الزئبقيك (Hgs) في صناعة البويات، وذلك لتكوين الصبغات الحمراء التي تسمى الفيرمليون.
ويوجد الزئبق في النباتات والحيوانات التي يتغذى بها الإنسان. كما اكتشف العلماء مركبات الزئبق السامة في الطعام كالبيض والسمك والقمح واللحوم. كما يوجد في مواد التجميل وحشو الأسنان وملينات الأقمشة والأحبار التي يستخدمها عمال المطابع وراسمو الوشم واللاتكس وبعض الأدوية والبويات والبلاستيك والورنيش والمذيبات وواقيات الأخشاب.
استعمالات الزئبق ومركباته:
يستعمل الزئبق على نطاق واسع في الصناعات الكيميائية والتعدينية، فهو يستخدم في استخلاص الذهب من خاماته عن طريق الاتحاد معه وتكوين ما يعرف باسم "المملغم" Amulgam، ويستخدم في صناعة الأجهزة الكهربائية وفي إنتاج الكلور والصودا الكاوية بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام.. كما يدخل في صناعة المبيدات الحشرية وفي علاج الأسنان.. وفي صناعة الورق ومن أشهر استخداماته هو دخوله في أجهزة قياس الحرارة (الترمومترات) ومقاييس الضغط الجوي (البارومترات)، كما يدخل في عمل مساحيق كشف البصمات وفي صناعة بعض دهانات الوجه والجلد.. وصنع البويات وفي دباغة الجلود والحرير الصناعي، كما يستخدم في المعامل كمادة حفازة catalyst في كثير من التفاعلات الكيميائية.
يوجد خام الزئبق المعروف بالسنابار Cinnabar في عدد قليل من دول العالم، في أمريكا وروسيا والصين وأسبانيا والمكسيك، حيث يتواجد على شكل رواسب محصورة نتيجة للأنشطة البركانية.
من مصادر التلوث:
يُعَدُّ الزئبق مصدرًا شديد الخطورة لتلوث البيئة، ومن مصادر تأثيره الملوث ما يلي:
1- المخلفات الصناعية الناتجة من الصناعات الكيمائية والبترولية والتعدينية.
وتُعَدُّ صناعة الكلور من أكثر الصناعات التي تنتج عنها مخلفات الزئبق، حيث تخلف نحو 100 -200 جرام لكل طن ينتج من الصودا الكاوية.
2- النفايات التي تصرف في المسطحات المائية بما في ذلك مخلفات المجاري، حيث أجريت أبحاث في الولايات المتحدة على مياه المجاري وقدر الزئبق فيها بمقدار 3.4 - 18 جزءاً في المليون.
3- المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات.
4– استخراج المعادن من المناجم.
ويصل الزئبق للإنسان عن طريق الطعام الملوث سواء كان أسماكاً أو خضروات وفواكه رُشَّت بالمبيدات الحشرية.. ويؤثر تأثيراً سلبيًّا على الحيوانات والطيور، حيث اكتشفت أنه يمنع تتابع الأجيال في الطيور الآكلة لحبوب ملوثة بالزئبق.. فيجعل البيض أكثر هشاشة سهل كسره.
* استخدام الزئبق في علاجات الأسنان (كمثال):
حشو الأسنان بالمملغم المكون من 50% زئبق والذي قد يتسلل من الحشو إلى داخل أنسجة وخلايا الجسم ما زال يثير جدلاً كبيرًا حول استخدامه، فالكيميائيون المعارضون يرون أن له أضرارًا بالغة على الصحة، ويقولون إن استخدامه في كباري الأسنان قد يسبب شحنات كهربائية ناتجة عن التفاعلات الكيميائية Galvanism ترى في جسم المريض وتتجه من الرأس إلى الدماغ مباشرة مسببة آثاراً مميتة. أما الموافقون على استخدامه فيرون أن الأبحاث العلمية لم تقدم ما يثبت الضرر بشكل قاطع، وأن الأمر لا يتعدى كونه أمراً معنويًّا عند عامة الناس، إلا أنهم لا يغلقون الباب تماماً في وجه احتمال وجود هذه المخاطر.
الحالة السائلة للزئبق وتأثيرها السام ما زالت محط تجارب الكيميائيون.. ولم تثبت هذه التجارب حتى الآن أن له تأثيراً خطيراً في حالته السائلة ما دام موجوداً في الأوعية التي تحويه.. إلا أنه إذا خرج من أوعيته ولامس الجلد فقد يسبب التهابات في أنسجته؛ وذلك لأنه سهل الامتصاص بواسطة الجلد.
ولكن أحداً من العلماء لم يختلف على أن الزئبق يظهر خطره عند استنشاق أبخرته أو امتصاص مركباته السامة.. فالزئبق يتبخر عند درجة حرارة الجو العادية كما يتبخر الماء ويحمل هواء الشهيق هذه الأبخرة إلى داخل جسم الإنسان والحيوان وتتراكم على أوراق النباتات مما يُعَدُّ خطراً جسيماً على هذه الكائنات.
التعرض لأبخرة الزئبق لفترة وجيزة بتركيز بسيط يؤدي إلى حدوث التهابات في الفم واللثة وفقدان الأسنان.. كما يؤدي إلى حالات قلق وإجهاد، كما يؤدي بالإنسان لحالة مزاجية سيئة وفقدان الثقة بالنفس.. والصداع والاكتئاب.
أما التعرض لفترات طويلة فإنه يؤدي إلى حدوث اضطرابات عقلية وحالة أشبه بالارتجاج في المخ، كما يُحْدِث تلفًا في النخاع الشوكي وتدميرًا لخلايا المخ الحيوية، ولقد أثبت العلم أن مركبات الزئبق أشد سمية من الزئبق نفسه سواء كانت مركبات عضوية أو غير عضوية.
* ميثيل الزئبق Methyl Mercury : هو أحد المركبات العضوية التي لها قدرة كبيرة على الذوبان في الشحم والأعصاب المحيطة.. وينتقل عبر المشيمة إلى الجنين مسبباً تشوهات خلقية وعقلية كما أن أملاحه تفرغ من الكلية والكبد والغشاء المخاطي للمعدة وغدد العرق والغدد اللعابية.. أما المركبات غير العضوية فهي أقل امتصاصاً من قبل الجهاز الهضمي ولا تحرق الخلايا مثل ميثيل الزئبق.
وقد اكتشفت أحياء دقيقة (بكتيريا) تعيش في الماء يمكنها تحويل مركبات الزئبق غير العضوية إلى مادة مثيل الزئبق العضوية والتي تمتص في أمعاء الإنسان والحيوان وفي الأنسجة الحية بمقدار 98%.
ينقل المركب بواسطة كرات الدم الحمراء مخترقاً الخلايا ويتجمع ما يقرب من 10% من أي جرعة في الجهاز العصبي المركزي CNS حيث أن الهدف الأول له هو الدماغ.
وقد سجلت حالات فقدان للسمع والعمى عند كثير من الأطفال حديثي الولادة في وباء العِراق، كما توفيت ما يقرب من 45% من الحوامل مقارنة بـ 7% من الناس عامة، ويفرز المركب في لبن الأم بمقدار 50% أكبر من تركيزه في الدم.
سجلت بعض الحوادث الخطيرة التي حدثت في حياة البشرية نتيجة التسمم بالزئبق ومركباته.. كان أكثرها شهرة هو الوباء الذي حدث "بالعراق" حيث أصيب ما يقرب من 6 آلاف شخص وتوفى 559 نتيجة لاستهلاك خبز تمَّ رش دقيقه بمبيدات الفطريات الملوثة بالزئبق، والحادثة الثانية وقعت في الستينيات في ساحل "منيماتا minamata باليابان، حيث تسمم الآلاف بأكل الأسماك الملوثة بميثيل الزئبق.
{مركبات الزئبق تشكل إنذارًا خطيراً على صحة الإنسان.}
الخــــــــلاصــــــــــــــة:
يفسر التأثير السام للزئبق بواحد من النظريات الاتية (6).
1 ــ ميل الزئبق الشديد نحو كبريت مجاميع Sulfhydryl Groups الزلالية مؤديا الي تعطيل فعالية هذه الانزيمات.
2 ــ ارتباط الزئبق بمجاميع الفوسفات Phosphate Ligands مما يؤدي الي اضطراب نفاذية اغشية الخلايا الحية.
3 ــ يعطل الزئبق قدرة الغدة الدرقية علي اخذ واستيعاب اليود اللازم لها.
4 ــ يحول الزئبق دون استعداد اجسامنا علي تمثيل عنصر الخارصين الضروري لادامة فعالية الانزيمات.
5 ــ يختزل الزئبق قدرة انظمة الكبد المضادة للسموم الامر الذي يتسبب في زيادة الاثار الضارة لهذه السموم بالذات.
واخيرا لابد من التفاؤل في ان العلم مازال جادا في طريق استنباط الوسائل المضادة لمخاطر الزئبق واكثرها طرافة (6) استغلال ميل الزئبق المثيلي للمجاميع الحاوية في تركيبها علي عنصر الكبريت او السلينيوم.. ورغم ان ميكانيكية فعل السلينيوم الدفاعي ضد الزئبق غير معروفة بشكل نهائي. الا ان هناك بضعة تفسيرات لهذا الفعل، منها الحث علي تكوين انزيم معين مثل Glutathione Peroxidase وفرض اخر يقترح تكسر الاصرة. التي تربط الزئبق بمجموعة المثيل عن طريق ذرة الكاربون C- HG بفعل انزيمات جسم الانسان. اما الغرض الاخير فمؤداه ان السلينيوم يمنع الزئبق من الارتباط بالبروتينات خطيرة الاهمية بتكوينه مركبات مع بورتينات اخري اقل اهمية وشديدة الميل للزئبق في نفس الوقت.
الزئبق سم تراكمي ولا يوجد مانع يمنع وصوله إلى خلايا المخ فيتركز في مركز الألم في المخ وفي الجهاز العصبي المركزي. ووجود الزئبق فيه يمكن أن يمنع كلا من وصول المواد الغذائية إلى الخلايا والتخلص من العضلات خارجها. ويمكن للزئبق أن يتحد بخلايا المناعة فيدمرها ويعطل الاستجابة المناعية الطبيعية، وهذا قد يكون عاملاً وراء حدوث أمراض المناعة الذاتية. ووجود كميات كبيرة من الزئبق في الجسم قد يؤدي إلى حدوث التهاب المفاصل واكتئاب والتهاب الجلد ودوار وإرهاق وأمراض اللثة وسقوط الشعر وأرق وفقد الذاكرة وضعف العضلات، وزيادة إفراز اللعاب، واضطراب في نشاط الانزيمات يؤدي إلى العمى والشلل. وأعراض التسمم بالزئبق قد تشبه أعراض مرض التصلب المتعددة.
ظن الكيميائيون القدامى أن الزئبق قادر على تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب.. فأجروا عليه آلاف التجارب منذ أمد بعيد.. إلا أن اعتقاداتهم ذهبت أدراج الرياح، حيث اكتشف العلامة المسلم "أبو بكر الرازي" إلى الآثار الضارة للزئبق وذكر في كتابه "الحاوي" إجراءه عدة تجارب على القردة بهدف دراسة تأثير سمية الزئبق ومركباته قبل أن يقدم على استعماله في صناعة الأدوية.
ومع التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية في مجال الصناعة.. بدأت تظهر للزئبق آثاره الضارة وأصبح محط دراسات وأبحاث واسعة.
الزئبق عنصر كيميائي يحمل الرمز Hg وهو فلز فضي اللون، وعلى نقيض الفلزات الأخرى فإنه سائل في درجة حرارة الغرفة، والزئبق ينساب بسهولة وسرعة مما أدى إلى تسميته أحياناً بالفضة السريعة. ولا يعرف من الذي اكتشف الزئبق، ولكنه كان معروفاً عند قدماء الصينيين والمصريين والإغريق والهندوس والرومان. يبلغ وزن الزئبق الذري 200,59 وعدده الذري 80. ينصهر الزئبق عند درجة حرارة 38,87 ويغلي عند درجة 356,58م
الزئبق سم تراكمي ولا يوجد مانع يمنع وصوله إلى خلايا المخ فيتركز في مركز الألم في المخ وفي الجهاز العصبي المركزي. ووجود الزئبق فيه يمكن أن يمنع كلا من وصول المواد الغذائية إلى الخلايا والتخلص من العضلات خارجها. ويمكن للزئبق أن يتحد بخلايا المناعة فيدمرها ويعطل الاستجابة المناعية الطبيعية، وهذا قد يكون عاملاً وراء حدوث أمراض المناعة الذاتية. ووجود كميات كبيرة من الزئبق في الجسم قد يؤدي إلى حدوث التهاب المفاصل واكتئاب والتهاب الجلد ودوار وإرهاق وأمراض اللثة وسقوط الشعر وأرق وفقد الذاكرة وضعف العضلات، وزيادة إفراز اللعاب، واضطراب في نشاط الانزيمات يؤدي إلى العمى والشلل. وأعراض التسمم بالزئبق قد تشبه أعراض مرض التصلب المتعددة.
ما هي مصادر الزئبق؟
يوجد الزئبق بكميات قليلة في القشرة الأرضية مقارنة بغيره من الفلزات الأخرى، وعلى الرغم من قلة وجوده، إلا أن الرواسب التي تحتوي على الزئبق بها كميات كبيرة من هذه المادة مما يجعله موجوداً بوفرة. ومعظم الزئبق الذي يستخدمه الناس يأتي من خام يسمى الزنجفر. وللحصول على الزئبق النقي يسخن الزنجفر في تيار من الهواء فيتفاعل أكسجين الهواء مع الكبريت الموجود في خام الزنجفر (الزنجفر مكون من زئبق وكبريت( مكوناً غاز ثاني أكسيد الكبريت تاركاً الزئبق النقي خلفه.
يقسم الكيميائيون مركبات الزئبق إلى مجموعتين هي:
1) مركبات الزئبقوز أو الزئبق I
2)مركبات الزئبقيك أو الزئبق II
وتشمل مركبات الزئبقوز كلوريد الزئبقوز (Hg2 Cl2) ويعرف باسم الكالوميل، وكبريتات الزئبقوز (hg2 SO2). ويستخدم الكالوميل مطهراً لقتل البكتريا. كما يستخدم الكيميائيون كبريتات الزئبقوز لزيادة سرعة الكشف على بعض المركبات العضوية.
وتشمل مركبات الزئبقيك كلوريد الزئبقيك (Hg Cl2) وهو مركب شديد السمية ويعرف بالسليماني، وقد استخدمه الجراحون في السابق لتطهير الجروح.
ويستخدم مركب فولمينات الزئبقيك (Hg زOCNس2 في صناعة جميع أنواع الذخائر وذلك لتفجير المادة المتفجرة. كما يستخدم كبريتد الزئبقيك (Hgs) في صناعة البويات، وذلك لتكوين الصبغات الحمراء التي تسمى الفيرمليون.
ويوجد الزئبق في النباتات والحيوانات التي يتغذى بها الإنسان. كما اكتشف العلماء مركبات الزئبق السامة في الطعام كالبيض والسمك والقمح واللحوم. كما يوجد في مواد التجميل وحشو الأسنان وملينات الأقمشة والأحبار التي يستخدمها عمال المطابع وراسمو الوشم واللاتكس وبعض الأدوية والبويات والبلاستيك والورنيش والمذيبات وواقيات الأخشاب.
استعمالات الزئبق ومركباته:
يستعمل الزئبق على نطاق واسع في الصناعات الكيميائية والتعدينية، فهو يستخدم في استخلاص الذهب من خاماته عن طريق الاتحاد معه وتكوين ما يعرف باسم "المملغم" Amulgam، ويستخدم في صناعة الأجهزة الكهربائية وفي إنتاج الكلور والصودا الكاوية بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام.. كما يدخل في صناعة المبيدات الحشرية وفي علاج الأسنان.. وفي صناعة الورق ومن أشهر استخداماته هو دخوله في أجهزة قياس الحرارة (الترمومترات) ومقاييس الضغط الجوي (البارومترات)، كما يدخل في عمل مساحيق كشف البصمات وفي صناعة بعض دهانات الوجه والجلد.. وصنع البويات وفي دباغة الجلود والحرير الصناعي، كما يستخدم في المعامل كمادة حفازة catalyst في كثير من التفاعلات الكيميائية.
يوجد خام الزئبق المعروف بالسنابار Cinnabar في عدد قليل من دول العالم، في أمريكا وروسيا والصين وأسبانيا والمكسيك، حيث يتواجد على شكل رواسب محصورة نتيجة للأنشطة البركانية.
من مصادر التلوث:
يُعَدُّ الزئبق مصدرًا شديد الخطورة لتلوث البيئة، ومن مصادر تأثيره الملوث ما يلي:
1- المخلفات الصناعية الناتجة من الصناعات الكيمائية والبترولية والتعدينية.
وتُعَدُّ صناعة الكلور من أكثر الصناعات التي تنتج عنها مخلفات الزئبق، حيث تخلف نحو 100 -200 جرام لكل طن ينتج من الصودا الكاوية.
2- النفايات التي تصرف في المسطحات المائية بما في ذلك مخلفات المجاري، حيث أجريت أبحاث في الولايات المتحدة على مياه المجاري وقدر الزئبق فيها بمقدار 3.4 - 18 جزءاً في المليون.
3- المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات.
4– استخراج المعادن من المناجم.
ويصل الزئبق للإنسان عن طريق الطعام الملوث سواء كان أسماكاً أو خضروات وفواكه رُشَّت بالمبيدات الحشرية.. ويؤثر تأثيراً سلبيًّا على الحيوانات والطيور، حيث اكتشفت أنه يمنع تتابع الأجيال في الطيور الآكلة لحبوب ملوثة بالزئبق.. فيجعل البيض أكثر هشاشة سهل كسره.
* استخدام الزئبق في علاجات الأسنان (كمثال):
حشو الأسنان بالمملغم المكون من 50% زئبق والذي قد يتسلل من الحشو إلى داخل أنسجة وخلايا الجسم ما زال يثير جدلاً كبيرًا حول استخدامه، فالكيميائيون المعارضون يرون أن له أضرارًا بالغة على الصحة، ويقولون إن استخدامه في كباري الأسنان قد يسبب شحنات كهربائية ناتجة عن التفاعلات الكيميائية Galvanism ترى في جسم المريض وتتجه من الرأس إلى الدماغ مباشرة مسببة آثاراً مميتة. أما الموافقون على استخدامه فيرون أن الأبحاث العلمية لم تقدم ما يثبت الضرر بشكل قاطع، وأن الأمر لا يتعدى كونه أمراً معنويًّا عند عامة الناس، إلا أنهم لا يغلقون الباب تماماً في وجه احتمال وجود هذه المخاطر.
الحالة السائلة للزئبق وتأثيرها السام ما زالت محط تجارب الكيميائيون.. ولم تثبت هذه التجارب حتى الآن أن له تأثيراً خطيراً في حالته السائلة ما دام موجوداً في الأوعية التي تحويه.. إلا أنه إذا خرج من أوعيته ولامس الجلد فقد يسبب التهابات في أنسجته؛ وذلك لأنه سهل الامتصاص بواسطة الجلد.
ولكن أحداً من العلماء لم يختلف على أن الزئبق يظهر خطره عند استنشاق أبخرته أو امتصاص مركباته السامة.. فالزئبق يتبخر عند درجة حرارة الجو العادية كما يتبخر الماء ويحمل هواء الشهيق هذه الأبخرة إلى داخل جسم الإنسان والحيوان وتتراكم على أوراق النباتات مما يُعَدُّ خطراً جسيماً على هذه الكائنات.
التعرض لأبخرة الزئبق لفترة وجيزة بتركيز بسيط يؤدي إلى حدوث التهابات في الفم واللثة وفقدان الأسنان.. كما يؤدي إلى حالات قلق وإجهاد، كما يؤدي بالإنسان لحالة مزاجية سيئة وفقدان الثقة بالنفس.. والصداع والاكتئاب.
أما التعرض لفترات طويلة فإنه يؤدي إلى حدوث اضطرابات عقلية وحالة أشبه بالارتجاج في المخ، كما يُحْدِث تلفًا في النخاع الشوكي وتدميرًا لخلايا المخ الحيوية، ولقد أثبت العلم أن مركبات الزئبق أشد سمية من الزئبق نفسه سواء كانت مركبات عضوية أو غير عضوية.
* ميثيل الزئبق Methyl Mercury : هو أحد المركبات العضوية التي لها قدرة كبيرة على الذوبان في الشحم والأعصاب المحيطة.. وينتقل عبر المشيمة إلى الجنين مسبباً تشوهات خلقية وعقلية كما أن أملاحه تفرغ من الكلية والكبد والغشاء المخاطي للمعدة وغدد العرق والغدد اللعابية.. أما المركبات غير العضوية فهي أقل امتصاصاً من قبل الجهاز الهضمي ولا تحرق الخلايا مثل ميثيل الزئبق.
وقد اكتشفت أحياء دقيقة (بكتيريا) تعيش في الماء يمكنها تحويل مركبات الزئبق غير العضوية إلى مادة مثيل الزئبق العضوية والتي تمتص في أمعاء الإنسان والحيوان وفي الأنسجة الحية بمقدار 98%.
ينقل المركب بواسطة كرات الدم الحمراء مخترقاً الخلايا ويتجمع ما يقرب من 10% من أي جرعة في الجهاز العصبي المركزي CNS حيث أن الهدف الأول له هو الدماغ.
وقد سجلت حالات فقدان للسمع والعمى عند كثير من الأطفال حديثي الولادة في وباء العِراق، كما توفيت ما يقرب من 45% من الحوامل مقارنة بـ 7% من الناس عامة، ويفرز المركب في لبن الأم بمقدار 50% أكبر من تركيزه في الدم.
سجلت بعض الحوادث الخطيرة التي حدثت في حياة البشرية نتيجة التسمم بالزئبق ومركباته.. كان أكثرها شهرة هو الوباء الذي حدث "بالعراق" حيث أصيب ما يقرب من 6 آلاف شخص وتوفى 559 نتيجة لاستهلاك خبز تمَّ رش دقيقه بمبيدات الفطريات الملوثة بالزئبق، والحادثة الثانية وقعت في الستينيات في ساحل "منيماتا minamata باليابان، حيث تسمم الآلاف بأكل الأسماك الملوثة بميثيل الزئبق.
{مركبات الزئبق تشكل إنذارًا خطيراً على صحة الإنسان.}
الخــــــــلاصــــــــــــــة:
يفسر التأثير السام للزئبق بواحد من النظريات الاتية (6).
1 ــ ميل الزئبق الشديد نحو كبريت مجاميع Sulfhydryl Groups الزلالية مؤديا الي تعطيل فعالية هذه الانزيمات.
2 ــ ارتباط الزئبق بمجاميع الفوسفات Phosphate Ligands مما يؤدي الي اضطراب نفاذية اغشية الخلايا الحية.
3 ــ يعطل الزئبق قدرة الغدة الدرقية علي اخذ واستيعاب اليود اللازم لها.
4 ــ يحول الزئبق دون استعداد اجسامنا علي تمثيل عنصر الخارصين الضروري لادامة فعالية الانزيمات.
5 ــ يختزل الزئبق قدرة انظمة الكبد المضادة للسموم الامر الذي يتسبب في زيادة الاثار الضارة لهذه السموم بالذات.
واخيرا لابد من التفاؤل في ان العلم مازال جادا في طريق استنباط الوسائل المضادة لمخاطر الزئبق واكثرها طرافة (6) استغلال ميل الزئبق المثيلي للمجاميع الحاوية في تركيبها علي عنصر الكبريت او السلينيوم.. ورغم ان ميكانيكية فعل السلينيوم الدفاعي ضد الزئبق غير معروفة بشكل نهائي. الا ان هناك بضعة تفسيرات لهذا الفعل، منها الحث علي تكوين انزيم معين مثل Glutathione Peroxidase وفرض اخر يقترح تكسر الاصرة. التي تربط الزئبق بمجموعة المثيل عن طريق ذرة الكاربون C- HG بفعل انزيمات جسم الانسان. اما الغرض الاخير فمؤداه ان السلينيوم يمنع الزئبق من الارتباط بالبروتينات خطيرة الاهمية بتكوينه مركبات مع بورتينات اخري اقل اهمية وشديدة الميل للزئبق في نفس الوقت.
الزئبق سم تراكمي ولا يوجد مانع يمنع وصوله إلى خلايا المخ فيتركز في مركز الألم في المخ وفي الجهاز العصبي المركزي. ووجود الزئبق فيه يمكن أن يمنع كلا من وصول المواد الغذائية إلى الخلايا والتخلص من العضلات خارجها. ويمكن للزئبق أن يتحد بخلايا المناعة فيدمرها ويعطل الاستجابة المناعية الطبيعية، وهذا قد يكون عاملاً وراء حدوث أمراض المناعة الذاتية. ووجود كميات كبيرة من الزئبق في الجسم قد يؤدي إلى حدوث التهاب المفاصل واكتئاب والتهاب الجلد ودوار وإرهاق وأمراض اللثة وسقوط الشعر وأرق وفقد الذاكرة وضعف العضلات، وزيادة إفراز اللعاب، واضطراب في نشاط الانزيمات يؤدي إلى العمى والشلل. وأعراض التسمم بالزئبق قد تشبه أعراض مرض التصلب المتعددة.