الحمد الله الأبدي السابق, القوي الخالق, الوافي الصادق, الذي لا يبلغ كنه مدحه الناطق, ولا يعزب عنه ما تجن الغواسق ، فهو حي لا يموت ,ودائم لا يفوت, ومالك لا يبور, وعدل لايجوز, عالم الغيوب , غافر الذنوب, كاشف الكروب, وساتر العيوب , دانت الأرباب لعظمته, وخضعت الصعاب لقوته, وتواضعت الصلاب لهيبته, وانقادت الملوك لملكه, فالخلائق له خاشعون, ولأمره خاضعون, واليه راجعون, تعإلى الله الملك الحق, لا إله الا هو رب العرش الكريم .. انتخب محمد صلى الله علية وسلم من خلقه, واصطفاه من بريته, واختاره لنبوتة, وأيده بحكمته, وسدده بعصمته, أرسله بالحق بشيرا برحمة, ونذيرا بعقوبته , مباركا من أهل دعوته , فبلغ ما ارسل به, ونصح لامته, وجاهد في ذات ربه, وكان كما وصفة ربه وجل رحيما بالمؤمنين, عزيزا على الكافرين ، صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين .. وبعد ..
احببت اليوم ان انقل اليكم بحث ان لم اقل متكامل عن تفاصيل جهاز في جسم الانسان وكيف تم التعرف عليه ونوعية الامراض التي تصيبه او التي يقوم بمقاومتها هذا الجهاز هو _ جهاز المناعة _ الذي اودعه الله في اجسامنا...
يعتبر علم المناعة علماً حديثاًً نسبياًً، وتعزى بدايته الى الطبيب الانجليزي إدوارد جينر الذي استطاع أن يطوّّر طريقة لحماية الناس من العدوى بمرض الجدري الأسود smallpox) ) قبل أكثر من مئتي سنة (عام 1798 ). والجدري مرض معد يسببه فيروس ينتقل عن طريق المسالك التنفسية ويؤدي الى ندب بشعة في الجلد، غير أن تأثيره القاتل يكمن في اصابته للأعضاء الداخلية.
لقد فتك مرض الجدري بالكثير من الناس منذ القدم. وسجل التاريخ المعاناة التي سببها الجدري لسكان اوروبا في القرون الوسطى. انتقل هذا المرض الى امريكا الجنوبية مع المحتلين الإسبان وفتك عام 1553 بمئتي ألف من قبائل الإنكا التي كانت تعيش هناك.
لا شك أن مرض الجدري، مثله مثل أمراض معدية كثيرة ، قد سبب الرعب للبشرية فترة طويلة من الزمن. وعلى مر التاريخ كانت هناك محاولات لمنع انتشار هذا الوباء. ففي الصين القديمة اعتادوا أن ياخذوا القروح الجافة من الاشخاص المصابين بالجدري ويستنشقوها لكي يتقوا الاصابة بالمرض. نجحت هذه الطريقة مع البعض وفشلت مع البعض الاخر. طريقة مشابهة كانت متبعة في تركيا في القرون الوسطى، حيث كانوا يأخذون قليلاً من قروح المصابين بالجدري ويحقنونه في جلد الاشخاص الذين كانوا يرغبون في حماية أنفسهم من الاصابة بالمرض.
في أواخر القرن الثامن عشر، وصل الى علم الطبيب إدوارد جينر أن الفلاحات اللواتي اعتدن على حلب الابقار وأصبن بجدري خفيف الاعراض هو الجدري الذي يصيب البقر(cowpox) لم يمرضن بالجدري القاتل الذي يصيب الانسان. قرر جينر أن يقوم بتجربة لفحص ذلك. إذ أخذ من قروح الأبقارالمريضة وحقن بها مجموعة من الأشخاص الأصحاء. راقب جينر هذه المجموعة من الأشخاص، ولاحظ أنهم لم يمرضوا بالجدري على الرغم من الموجات المتلاحقة من العدوى التي ألمّت بالمناطق التي كانوا يسكنونها.
تدعى الطريقة التي تهدف الى إكساب الانسان وقاية من المرض " تطعيماً" او "تحصيناً" (חיסון-vaccination ).
عندما قام جينر بتطعيم الناس ضد مرض الجدري لم يكن يعرف يومها شيئاً عن المسببات التي تؤدي الى الأمراض المعدية، بل إن فهم ذلك قد تم في أواخر القرن التاسع عشر بواسطة الأبحاث الرائدة التي قام بها العالم روبرت كوخ. لقد أثبت روبرت كوخ أن الامراض المعدية تسببها كائنات دقيقة (microorganisms ) مختلفة. ونحن نعرف اليوم أربع مجموعات من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، هي: الفيروسات ، البكتيريا، الفطريات والطفيليات.
بكتيريا كما تظهر في المجهر الإلكتروني.
لقد أدّّت اكتشافات روبرت كوخ وسائر علماء الميكروبيولوجيا في القرن التاسع عشر وخاصة لويس باستير الفرنسي (الذي نجح في تطعيم الأغنام ضد مرض الجمرة الخبيثة) الى شق الطريق أمام علم جديد هو علم المناعة. وبفضل هذا العلم، تم تطوير طرق تطعيم ناجحة ضد كثير من الامراض المعدية الفتاكة التي طالما أودت بحياة الكثير من الناس مثل الجدري والتهاب غشاء المخ وغيرها.
لقد دأب العلماء منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا على دراسة الآليات التي يعمل بواسطتها الجسم لحماية نفسه من مسببات الأمراض. ويتوفر الآن قدر هائل من المعرفة في هذا المجال، تم استغلالها للتغلب على كثير من الامراض وما زالت حجر الاساس الذي يعتمد عليه العلماء لمقاومة أمراض لم يتم التغلب عليها حتى الآن مثل السرطان والايدز وغيرها.
توجد لدى الكائنات الحية على أنواعها أنظمة مناعية تحميها من مسببات الأمراض. الأنظمة المناعية لدى الحيوانات اللافقرية بسيطة، لكنها متطورة لدى الحيوانات الفقرية وخاصة الطيور والثدييات. ولو تأملنا هذه الأنظمة لدى الانسان لوجدناها تتألف من نوعين رئيسيين: مناعة غير تخصصية ومناعة تخصصية مكتسبة.
فيروس الإنفلونزا كما يظهر في المجهر الإلكتروني.
ألمناعة غير التخصصية
تتألف هذه المناعة في جسمنا من حواجز فيزيائية وكيماوية ومن خلايا بيضاء لها قدرة ابتلاع مسببات الامراض وتحليلها. فالجلد مثلاً يشكل خط الدفاع الاول، اذ أنه يشكّل حاجزاًً فيزيائياًً لا يسمح بنفاذ مسببات الأمراض الى داخل الجسم. ولو جرح الجلد او احترق، لازدادت نفاذية مسببات الامراض ( بكتيريا، فيروسات, طفيليات...) الى داخل الجسم وعرضته الى الخطر.
عصارات المعدة تشكل حاجزاًً كيماوياًً وذلك بسبب درجة حموضتها العالية ( PH أقل من 2 ) وبسبب احتوائها على إنزيمات محللة قوية، لذلك فان كثيراًً من مسببات الأمراض لا تنجح بالبقاء في مثل هذه الشروط.
الأهداب والإفرازات المخاطية في المسالك التنفسية مثل الأنف والقصبة الهوائية والشعب الرئوية تعمل باستمرار على إبعاد الأجسام الغريبة ومسببات الأمراض. فالحركة الدائمة للأهداب تقوم بإبعاد الأجسام الغريبة من المسالك التنفسية خارجاًً. أمّا الافرازات المخاطية فانها تقوم بالتقاط هذه الاجسام ومن ثم إبعادها خارجاً بواسطة السعال او العطس.
الافرازات السائلة مثل الدمع والبول تقوم بغسل مسببات الأمراض أو أية اجسام غريبة قد تدخل إليها. فلو انحبس الدمع او قل البول لازداد احتمال إصابة هذه الأعضاء بالتلوث البكتيري أو الفيروسي.
الخلايا البالعة وهي خلايا بيضاء تنتشر في الدورة الدموية وفي الأنسجة وتقوم بابتلاع وتحليل الأجسام الغريبة.
كل الأمثلة السابقة هي أمثلة على مناعة غير تخصصية أو مناعة عامة، لأن طرق المناعة هذه لا تميّز بين بكتيريا وأخرى أو بين فيروس وآخر، وإنما تقاوم كل مسببات الأمراض بدون أي تخصص.
رغم هذه الحواجز الطبيعية الموروثة فإن مسببات الأمراض تنجح في الدخول الى الجسم. ويتم ذلك من خلال الجروح المفتوحة أو الارتباط بالأنسجة المخاطية ( في المسالك التنفسية، الجنسية والبولية) والتغلغل من خلالها. وعلى سبيل المثال فإن بعض أنواع بكتيريا E.Coli ترتبط بأغشية الخلايا الإبيتيلية في المسالك البولية بحيث لا يتم شطفها مع البول، فتتكاثر وتسبب المرض.
ألمناعة التخصصية المكتسبة
إن الطرق السابقة، وعلى الرغم من أهميتها، غير كافية لحماية الجسم. وقد تطورت، كما ذكرنا سابقاً، عند الفقريات وعلى رأسها الطيور والثدييات طريقة مناعية إضافية هي المناعة التخصصية-المكتسبة. هذه المناعة تخصصية لانها تقاوم كل مسبب مرض بشكل تخصصي وسنتوسع في ذلك لاحقاً. وهذه المناعة مكتسبة لاننا نكتسبها خلال حياتنا من خلال مقاومة مسببات الأمراض المختلفة.
تشترك في تشكيل المناعة التخصصية خلايا مختلفة ( متل خلايا الدم البيضاء، خلايا نخاع العظام...) وأعضاء مختلفة (مثل العقد الليمفاويّة، الطحال...). هذه الشبكة من الخلايا والأعضاء تسمّى معاًً "الجهاز المناعي" (immune system ) .
الجهاز المناعي في الإنسان
تختلف المناعة التخصصيّة المكتسبة عن المناعة غير التخصّصيّة بما يلي:
1- يتمّ تفعيل المناعة التخصصيّة فقط بعد دخول الكائنات أو المواد الغريبة الى الجسم ، بينما لا تقوم بأي رد فعل اتجاهها اذا لم تدخل الى الجسم. مثلا ، يقاوم جهاز المناعة فيروس الحصبة فقط إذا دخل الى الجسم.
2- هذه المناعة تخصّصيّة. مثلاً ، التطعيم ضد فيروس الحصبة لا يَكسب مناعة ضد فيروس آخر لا يشبهه.
3- لهذه المناعة "ذاكرة" أي أنه إذا دخل مسبب مرض الى الجسم مرة ثانية بعد فترة طويلة من الزمن فإن جهاز المناعة "يتعرّف " عليه بسرعة ويقاومه بكفاءة عالية (سنتوسّع في ذلك لاحقا).
إن العمل السليم لجهاز المناعة ضروري لبقاء الكائن الحي. ولعلّ مرض الايدز وهو مرض انهيار المناعة المكتسب أوضح مثال على ذلك. كما أن الاطفال الذين يولدون مع نقص في جهاز المناعة لا يظلّون أحياء إلاّ إذا ربوا في ظروف معقّمة.
يتألف جهاز المناعة من خلايا الدم البيضاء ومن الاعضاء ألليمفوئيديّة.
خلايا الدم البيضاء
تتكوّن خلايا الدم البيضاء من خلايا أصل في نخاع العظام ومن هناك تنتقل الى الدورة الدمويّة. يتراوح عددها في سائل الدم بين 6000 – 10,000 خليّة لكل ملم3 . وهي تتألف من عدة أنواع، وخلال سنوات البحث الطبي تم تصنيفها بموجب معايير مختلفة مثل شكل النواة وطريقة الصبغ والوظيفة وغيرها.
في الوسط خلية بيضاء حامضية (إيوزينوفيل). الخلايا المحيطة هي خلايا دم حمراء.
في الوسط خلية دم بيضاء أحادية النواة (مونوسيت).
إلى الأعلى من اليسار خلية بيضاء ليمفاوية (ليمفوسيت).
الخلايا البيضاء التي ذكرت تشكّل جزءًا فقط من الخلايا البيضاء الموجودة في جسم الإنسان والتي لها أعظم التأثير في حماية الجسم من الأمراض.
ألاعضاء الليمفوئيدية
هي أعضاء تتميز باحتوائها على أعداد كبيرة جداً من الليمفوسيتات وتحصل فيها عمليات مركزية تتعلق بالمناعة التخصصية.
هنالك نوعان من الاعضاء الليمفوئيدية:
أ- أعضاء ليمفوئيدية أولية يتم فيها انتاج أو نضوج الليمفوسيتات، مثل نخاع العظام والثيموس. نخاع العظام هو نسيج يوجد داخل العظام وهو المسؤول عن إنتاج خلايا الدم الحمراء والبيضاء وصفائح الدم. أما الثيموس فهو عضو يوجد بين الرئتين ويكون حجمه كبيراً لدى الاطفال إلا أنه يأخذ بالتضاؤل مع التقدم في السن. في الثيموس يحصل نضوج لأحد أنواع الليمفوسيتات التي سميت نسبة اليه بخلايا T .
ب- أعضاء ليمفوئيدية ثانوية تحصل فيها ردود الفعل المناعية وهي تتألف من: العقد الليمفاوية، الحويصلات الليمفاوية، الطحال، اللوزتين وبقع بيير. ألعقد الليمفاوية (lymphatic nodes ) هي أعضاء ذات أغلفة تصل اليها وتخرج منها أوعية ليمفاوية وتوجد في أماكن كثيرة من الجسم (تحت الإبطين، في جانبي العنق، في أعلى الفخذ، بالقرب من أعضاء الجسم الداخلية...).
أما الحويصلات الليمفاوية(lymphatic follicles ) فهي كتل خلايا لا غلاف لها تنتشر في النسيج الإبتيلي للأنف والمسالك التنفسية والجنسية والأمعاء. الطحال هو عضو له وظيفة مهمة جداً في تحليل خلايا الدم الحمراء أو المصابة بالإضافة الى كونه عضواً ليمفوئيدياً ثانوياً.
تعرفنا سابقاً على "اللاعبين" المركزيين في جهاز المناعة التخصصية. ولكن ما هي طبيعة المقاومة التي يقوم بها جهاز المناعة ضد مسببات الأمراض والأجسام الغريبة؟
تحدثنا من قبل أن الليمفوسيتات هي الخلايا البيضاء الفاعلة في المناعة التخصصية. هنالك ثلاثة أنواع من الليمفوسيتات:
1- ليمفوسيتات T .
2- ليمفوسيتات B .
3- الخلايا القاتلة الطبيعية (natural killer cells) وهي ليمفوسيتات ليست T وليستB (non T non B cells ).
معدل عدد الليمفوسيتات هو 2000 خلية تقريباً لكل 1 ملم3 من الدم.
تتكون جميع الليمفوسيتات في نخاع العظام ولا تكون لها في البداية أية قدرة مناعية، غير أنها تمر في عملية نضوج وتمايز في الاعضاء الليمفوئيدية الأولية لتتحول بعدها الى خلايا ذات قدرة مناعية.
ألليمفوسيتات التي تنضج في الثيموس تسمى، كما ذكرنا، خلايا T. أما خلايا B فقد سميت بهذا الاسم نسبة الى البورسا (Bursa ). وهو عضو ليمفوئيدي أولي يوجد في الطيور في نهاية الأمعاء بالقرب من فتحة الشرج. في البورسا تتخصص وتنضج الليمفوسيتات من نوع B .
لا يوجد في الانسان عضو مماثل للبورسا، لكن فيه أنسجة لها نفس المقدرة وهي بقع بيير(Payer ) في الامعاء وكذلك نخاع العظام.
ليمفوسيتات كما ترى بالمجهر الإلكتروني.
تشكل خلايا T و B معظم الليمفوسيتات، غير أن هناك ليمفوسيتات أخرى تختلف بتركيبها وتدعى non T non B cells أو الخلايا القاتلة الطبيعية. سميت بهذا الاسم لانها تملك القدرة على قتل بعض أنواع الخلايا السرطانية.
ما هو دور خلايا B ؟
تتميز هذه الخلايا بأنها ذات قدرة على إنتاج وإفراز مواد جليكوبروتينية• تسمى " أجسام مضادة" ( antibodies ) وذلك كرد فعل على دخول مسبب مرض أو مادة غريبة الى الجسم. ترتبط هذه الأحسام المضادة بمسبب المرض أو بالمادة الغريبة وتساهم في تدميره.
تنتشر هذه الأجسام المضادة في سوائل الجسم ( مثل بلازما الدم، السائل بين الخلوي، الإفرازات الخارجية مثل الدمع والعرق والحليب ) ولذلك سمي رد الفعل المناعي هذا برد فعل هومورالي أي رد فعل بواسطة سوائل الجسم.
ما هو دور خلايا T ؟
تتألف خلايا T من ثلاثة أنواع:
1- خلايا T مساعدة ( Helper T cells وباختصار TH ). لهذه الخلايا دور بالغ الاهمية في تنشيط عمل خلايا B وخلايا T الاخرى.
2- خلايا T مسمّة (cyto-toxic T cells )، وباختصار TC . لهذه الخلايا قدرة على تدمير وقتل الخلايا السرطانية والخلايا المصابة بالفيروس وغيرها.
3- خلايا T كابحة، أي أنها تقوم بتنظيم نشاط خلاياT الأخرى (suppressor T cells) وباختصار TS .
مما سبق، يتضح أن هناك نوعاً آخر من المقاومة المناعية يتم بواسطة خلايا وليس بواسطة أجسام مضادة ولذلك سمي برد فعل مناعي خلوي (תגובה תאית).
تؤدي ردود الفعل المناعية السابقة في معظم الاحيان الى تدمير مسبب المرض والى شفاء الجسم، وتظل في الجهاز المناعي "ذاكرة" لهذا المسبب. فاذا دخل الى الجسم مرة ثانية كانت مقاومته أشد وأسرع مما يمنع الاصابة بالمرض.
إن رد الفعل المناعي الذي يحصل عند دخول مسبب المرض لأول مرة يسمى "رد فعل مناعي أولي" (תגובה ראשונית)، أما رد الفعل المناعي عند دخول المرض مرة ثانية فيسمى "رد فعل ثانوي" (תגובה שניונית).
لجهاز المناعة قدرة على التعرف والقيام برد فعل تخصصي تجاه عدد هائل جدا من الأنواع المختلفة من الجزيئات. ولم يجد العلماء حتى الآن مادة لا يستطيع جهاز المناعة أن يقوم برد فعل مناعي ضدها.
كل مادة تحفز جهاز المناعة على القيام برد فعل مناعي تخصصي ضدها تسمى أنتيجن (אנטיגן- antigen )، وباللغة العربية "مولد مضاد". فالمركبات التي تتألف منها البكتيريا والفيروسات وسم الثعبان أو العقرب وغيرها هي أنتيجينات.
جهاز المناعة قادر (عادة) على التمييز بين المركبات الذاتية التى يتألف منها الجسم وبين المركبات غير الذاتية أي غير الموجودة بشكل طبيعي في الجسم (self & non self ). في بعض الحالات، ونتيجة لخلل ما، يقوم جهاز المناعة بردود فعل مناعية ضد مركبات ذاتية. ردود الفعل هذه قد تؤدي الى أمراض بعضها صعب وخطير. تسمى هذه الأمراض "أمراض المناعة الذاتية" (autoimmune diseases )، منها مثلاً بعض أنواع الروماتزم (حمى المفاصل) وسكري الشباب وغيرها.
الأجسام المضادة (antibodies )
ان أحد ردود الفعل المناعية المميزة هي تكوين أجسام مضادة. والخلايا المسؤولة عن تكوين وافراز الاجسام المضادة هي ليمفوسيتات B . فهذه الليمفوسيتات عندما "تتعرف" على الانتيجن وبمساعدة خلايا TH، تبدأ بالانقسامات المتتالية. يتمايز قسم من الليمفوسيتات الناتجة الى خلايا تسمى خلايا بلازما (plasma cells ). هذه الخلايا هي التي تكوّن وتفرز الاجسام المضادة الى بلازما الدم والى سوائل الجسم الاخرى.
الاجسام المضادة هي جليكوبروتينات تنتمي الى فئة البروتينات المسماة جلوبولينات. ولان الاجسام المضادة تقوم بوظائف مناعية فقد سميت إمونوجلوبولينات (Immune-globulins ) وباختصار Ig .
هنالك عدة فئات من الامونوجلوبولينات تختلف بتركيبها الكيماوي، تركيزها في البلازما، مكان تأثيرها ووظائفها. هذه الفئات من الامونوجلوبولينات تدعى: IgD, IgE, IgA, IgG, IgM وأكثرها تركيزاً في بلازما الدم هي IgG .
نموذج محوسب يظهر مبنى جزيء IgG .
مساهمة الامونوجلوبولينات في التخلص من الانتيجين
يتبع ---->
احببت اليوم ان انقل اليكم بحث ان لم اقل متكامل عن تفاصيل جهاز في جسم الانسان وكيف تم التعرف عليه ونوعية الامراض التي تصيبه او التي يقوم بمقاومتها هذا الجهاز هو _ جهاز المناعة _ الذي اودعه الله في اجسامنا...
يعتبر علم المناعة علماً حديثاًً نسبياًً، وتعزى بدايته الى الطبيب الانجليزي إدوارد جينر الذي استطاع أن يطوّّر طريقة لحماية الناس من العدوى بمرض الجدري الأسود smallpox) ) قبل أكثر من مئتي سنة (عام 1798 ). والجدري مرض معد يسببه فيروس ينتقل عن طريق المسالك التنفسية ويؤدي الى ندب بشعة في الجلد، غير أن تأثيره القاتل يكمن في اصابته للأعضاء الداخلية.
لقد فتك مرض الجدري بالكثير من الناس منذ القدم. وسجل التاريخ المعاناة التي سببها الجدري لسكان اوروبا في القرون الوسطى. انتقل هذا المرض الى امريكا الجنوبية مع المحتلين الإسبان وفتك عام 1553 بمئتي ألف من قبائل الإنكا التي كانت تعيش هناك.
لا شك أن مرض الجدري، مثله مثل أمراض معدية كثيرة ، قد سبب الرعب للبشرية فترة طويلة من الزمن. وعلى مر التاريخ كانت هناك محاولات لمنع انتشار هذا الوباء. ففي الصين القديمة اعتادوا أن ياخذوا القروح الجافة من الاشخاص المصابين بالجدري ويستنشقوها لكي يتقوا الاصابة بالمرض. نجحت هذه الطريقة مع البعض وفشلت مع البعض الاخر. طريقة مشابهة كانت متبعة في تركيا في القرون الوسطى، حيث كانوا يأخذون قليلاً من قروح المصابين بالجدري ويحقنونه في جلد الاشخاص الذين كانوا يرغبون في حماية أنفسهم من الاصابة بالمرض.
في أواخر القرن الثامن عشر، وصل الى علم الطبيب إدوارد جينر أن الفلاحات اللواتي اعتدن على حلب الابقار وأصبن بجدري خفيف الاعراض هو الجدري الذي يصيب البقر(cowpox) لم يمرضن بالجدري القاتل الذي يصيب الانسان. قرر جينر أن يقوم بتجربة لفحص ذلك. إذ أخذ من قروح الأبقارالمريضة وحقن بها مجموعة من الأشخاص الأصحاء. راقب جينر هذه المجموعة من الأشخاص، ولاحظ أنهم لم يمرضوا بالجدري على الرغم من الموجات المتلاحقة من العدوى التي ألمّت بالمناطق التي كانوا يسكنونها.
تدعى الطريقة التي تهدف الى إكساب الانسان وقاية من المرض " تطعيماً" او "تحصيناً" (חיסון-vaccination ).
عندما قام جينر بتطعيم الناس ضد مرض الجدري لم يكن يعرف يومها شيئاً عن المسببات التي تؤدي الى الأمراض المعدية، بل إن فهم ذلك قد تم في أواخر القرن التاسع عشر بواسطة الأبحاث الرائدة التي قام بها العالم روبرت كوخ. لقد أثبت روبرت كوخ أن الامراض المعدية تسببها كائنات دقيقة (microorganisms ) مختلفة. ونحن نعرف اليوم أربع مجموعات من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، هي: الفيروسات ، البكتيريا، الفطريات والطفيليات.
بكتيريا كما تظهر في المجهر الإلكتروني.
لقد أدّّت اكتشافات روبرت كوخ وسائر علماء الميكروبيولوجيا في القرن التاسع عشر وخاصة لويس باستير الفرنسي (الذي نجح في تطعيم الأغنام ضد مرض الجمرة الخبيثة) الى شق الطريق أمام علم جديد هو علم المناعة. وبفضل هذا العلم، تم تطوير طرق تطعيم ناجحة ضد كثير من الامراض المعدية الفتاكة التي طالما أودت بحياة الكثير من الناس مثل الجدري والتهاب غشاء المخ وغيرها.
لقد دأب العلماء منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا على دراسة الآليات التي يعمل بواسطتها الجسم لحماية نفسه من مسببات الأمراض. ويتوفر الآن قدر هائل من المعرفة في هذا المجال، تم استغلالها للتغلب على كثير من الامراض وما زالت حجر الاساس الذي يعتمد عليه العلماء لمقاومة أمراض لم يتم التغلب عليها حتى الآن مثل السرطان والايدز وغيرها.
توجد لدى الكائنات الحية على أنواعها أنظمة مناعية تحميها من مسببات الأمراض. الأنظمة المناعية لدى الحيوانات اللافقرية بسيطة، لكنها متطورة لدى الحيوانات الفقرية وخاصة الطيور والثدييات. ولو تأملنا هذه الأنظمة لدى الانسان لوجدناها تتألف من نوعين رئيسيين: مناعة غير تخصصية ومناعة تخصصية مكتسبة.
فيروس الإنفلونزا كما يظهر في المجهر الإلكتروني.
ألمناعة غير التخصصية
تتألف هذه المناعة في جسمنا من حواجز فيزيائية وكيماوية ومن خلايا بيضاء لها قدرة ابتلاع مسببات الامراض وتحليلها. فالجلد مثلاً يشكل خط الدفاع الاول، اذ أنه يشكّل حاجزاًً فيزيائياًً لا يسمح بنفاذ مسببات الأمراض الى داخل الجسم. ولو جرح الجلد او احترق، لازدادت نفاذية مسببات الامراض ( بكتيريا، فيروسات, طفيليات...) الى داخل الجسم وعرضته الى الخطر.
عصارات المعدة تشكل حاجزاًً كيماوياًً وذلك بسبب درجة حموضتها العالية ( PH أقل من 2 ) وبسبب احتوائها على إنزيمات محللة قوية، لذلك فان كثيراًً من مسببات الأمراض لا تنجح بالبقاء في مثل هذه الشروط.
الأهداب والإفرازات المخاطية في المسالك التنفسية مثل الأنف والقصبة الهوائية والشعب الرئوية تعمل باستمرار على إبعاد الأجسام الغريبة ومسببات الأمراض. فالحركة الدائمة للأهداب تقوم بإبعاد الأجسام الغريبة من المسالك التنفسية خارجاًً. أمّا الافرازات المخاطية فانها تقوم بالتقاط هذه الاجسام ومن ثم إبعادها خارجاً بواسطة السعال او العطس.
الافرازات السائلة مثل الدمع والبول تقوم بغسل مسببات الأمراض أو أية اجسام غريبة قد تدخل إليها. فلو انحبس الدمع او قل البول لازداد احتمال إصابة هذه الأعضاء بالتلوث البكتيري أو الفيروسي.
الخلايا البالعة وهي خلايا بيضاء تنتشر في الدورة الدموية وفي الأنسجة وتقوم بابتلاع وتحليل الأجسام الغريبة.
كل الأمثلة السابقة هي أمثلة على مناعة غير تخصصية أو مناعة عامة، لأن طرق المناعة هذه لا تميّز بين بكتيريا وأخرى أو بين فيروس وآخر، وإنما تقاوم كل مسببات الأمراض بدون أي تخصص.
رغم هذه الحواجز الطبيعية الموروثة فإن مسببات الأمراض تنجح في الدخول الى الجسم. ويتم ذلك من خلال الجروح المفتوحة أو الارتباط بالأنسجة المخاطية ( في المسالك التنفسية، الجنسية والبولية) والتغلغل من خلالها. وعلى سبيل المثال فإن بعض أنواع بكتيريا E.Coli ترتبط بأغشية الخلايا الإبيتيلية في المسالك البولية بحيث لا يتم شطفها مع البول، فتتكاثر وتسبب المرض.
ألمناعة التخصصية المكتسبة
إن الطرق السابقة، وعلى الرغم من أهميتها، غير كافية لحماية الجسم. وقد تطورت، كما ذكرنا سابقاً، عند الفقريات وعلى رأسها الطيور والثدييات طريقة مناعية إضافية هي المناعة التخصصية-المكتسبة. هذه المناعة تخصصية لانها تقاوم كل مسبب مرض بشكل تخصصي وسنتوسع في ذلك لاحقاً. وهذه المناعة مكتسبة لاننا نكتسبها خلال حياتنا من خلال مقاومة مسببات الأمراض المختلفة.
تشترك في تشكيل المناعة التخصصية خلايا مختلفة ( متل خلايا الدم البيضاء، خلايا نخاع العظام...) وأعضاء مختلفة (مثل العقد الليمفاويّة، الطحال...). هذه الشبكة من الخلايا والأعضاء تسمّى معاًً "الجهاز المناعي" (immune system ) .
الجهاز المناعي في الإنسان
تختلف المناعة التخصصيّة المكتسبة عن المناعة غير التخصّصيّة بما يلي:
1- يتمّ تفعيل المناعة التخصصيّة فقط بعد دخول الكائنات أو المواد الغريبة الى الجسم ، بينما لا تقوم بأي رد فعل اتجاهها اذا لم تدخل الى الجسم. مثلا ، يقاوم جهاز المناعة فيروس الحصبة فقط إذا دخل الى الجسم.
2- هذه المناعة تخصّصيّة. مثلاً ، التطعيم ضد فيروس الحصبة لا يَكسب مناعة ضد فيروس آخر لا يشبهه.
3- لهذه المناعة "ذاكرة" أي أنه إذا دخل مسبب مرض الى الجسم مرة ثانية بعد فترة طويلة من الزمن فإن جهاز المناعة "يتعرّف " عليه بسرعة ويقاومه بكفاءة عالية (سنتوسّع في ذلك لاحقا).
إن العمل السليم لجهاز المناعة ضروري لبقاء الكائن الحي. ولعلّ مرض الايدز وهو مرض انهيار المناعة المكتسب أوضح مثال على ذلك. كما أن الاطفال الذين يولدون مع نقص في جهاز المناعة لا يظلّون أحياء إلاّ إذا ربوا في ظروف معقّمة.
يتألف جهاز المناعة من خلايا الدم البيضاء ومن الاعضاء ألليمفوئيديّة.
خلايا الدم البيضاء
تتكوّن خلايا الدم البيضاء من خلايا أصل في نخاع العظام ومن هناك تنتقل الى الدورة الدمويّة. يتراوح عددها في سائل الدم بين 6000 – 10,000 خليّة لكل ملم3 . وهي تتألف من عدة أنواع، وخلال سنوات البحث الطبي تم تصنيفها بموجب معايير مختلفة مثل شكل النواة وطريقة الصبغ والوظيفة وغيرها.
في الوسط خلية بيضاء حامضية (إيوزينوفيل). الخلايا المحيطة هي خلايا دم حمراء.
في الوسط خلية دم بيضاء أحادية النواة (مونوسيت).
إلى الأعلى من اليسار خلية بيضاء ليمفاوية (ليمفوسيت).
الخلايا البيضاء التي ذكرت تشكّل جزءًا فقط من الخلايا البيضاء الموجودة في جسم الإنسان والتي لها أعظم التأثير في حماية الجسم من الأمراض.
ألاعضاء الليمفوئيدية
هي أعضاء تتميز باحتوائها على أعداد كبيرة جداً من الليمفوسيتات وتحصل فيها عمليات مركزية تتعلق بالمناعة التخصصية.
هنالك نوعان من الاعضاء الليمفوئيدية:
أ- أعضاء ليمفوئيدية أولية يتم فيها انتاج أو نضوج الليمفوسيتات، مثل نخاع العظام والثيموس. نخاع العظام هو نسيج يوجد داخل العظام وهو المسؤول عن إنتاج خلايا الدم الحمراء والبيضاء وصفائح الدم. أما الثيموس فهو عضو يوجد بين الرئتين ويكون حجمه كبيراً لدى الاطفال إلا أنه يأخذ بالتضاؤل مع التقدم في السن. في الثيموس يحصل نضوج لأحد أنواع الليمفوسيتات التي سميت نسبة اليه بخلايا T .
ب- أعضاء ليمفوئيدية ثانوية تحصل فيها ردود الفعل المناعية وهي تتألف من: العقد الليمفاوية، الحويصلات الليمفاوية، الطحال، اللوزتين وبقع بيير. ألعقد الليمفاوية (lymphatic nodes ) هي أعضاء ذات أغلفة تصل اليها وتخرج منها أوعية ليمفاوية وتوجد في أماكن كثيرة من الجسم (تحت الإبطين، في جانبي العنق، في أعلى الفخذ، بالقرب من أعضاء الجسم الداخلية...).
أما الحويصلات الليمفاوية(lymphatic follicles ) فهي كتل خلايا لا غلاف لها تنتشر في النسيج الإبتيلي للأنف والمسالك التنفسية والجنسية والأمعاء. الطحال هو عضو له وظيفة مهمة جداً في تحليل خلايا الدم الحمراء أو المصابة بالإضافة الى كونه عضواً ليمفوئيدياً ثانوياً.
تعرفنا سابقاً على "اللاعبين" المركزيين في جهاز المناعة التخصصية. ولكن ما هي طبيعة المقاومة التي يقوم بها جهاز المناعة ضد مسببات الأمراض والأجسام الغريبة؟
تحدثنا من قبل أن الليمفوسيتات هي الخلايا البيضاء الفاعلة في المناعة التخصصية. هنالك ثلاثة أنواع من الليمفوسيتات:
1- ليمفوسيتات T .
2- ليمفوسيتات B .
3- الخلايا القاتلة الطبيعية (natural killer cells) وهي ليمفوسيتات ليست T وليستB (non T non B cells ).
معدل عدد الليمفوسيتات هو 2000 خلية تقريباً لكل 1 ملم3 من الدم.
تتكون جميع الليمفوسيتات في نخاع العظام ولا تكون لها في البداية أية قدرة مناعية، غير أنها تمر في عملية نضوج وتمايز في الاعضاء الليمفوئيدية الأولية لتتحول بعدها الى خلايا ذات قدرة مناعية.
ألليمفوسيتات التي تنضج في الثيموس تسمى، كما ذكرنا، خلايا T. أما خلايا B فقد سميت بهذا الاسم نسبة الى البورسا (Bursa ). وهو عضو ليمفوئيدي أولي يوجد في الطيور في نهاية الأمعاء بالقرب من فتحة الشرج. في البورسا تتخصص وتنضج الليمفوسيتات من نوع B .
لا يوجد في الانسان عضو مماثل للبورسا، لكن فيه أنسجة لها نفس المقدرة وهي بقع بيير(Payer ) في الامعاء وكذلك نخاع العظام.
ليمفوسيتات كما ترى بالمجهر الإلكتروني.
تشكل خلايا T و B معظم الليمفوسيتات، غير أن هناك ليمفوسيتات أخرى تختلف بتركيبها وتدعى non T non B cells أو الخلايا القاتلة الطبيعية. سميت بهذا الاسم لانها تملك القدرة على قتل بعض أنواع الخلايا السرطانية.
ما هو دور خلايا B ؟
تتميز هذه الخلايا بأنها ذات قدرة على إنتاج وإفراز مواد جليكوبروتينية• تسمى " أجسام مضادة" ( antibodies ) وذلك كرد فعل على دخول مسبب مرض أو مادة غريبة الى الجسم. ترتبط هذه الأحسام المضادة بمسبب المرض أو بالمادة الغريبة وتساهم في تدميره.
تنتشر هذه الأجسام المضادة في سوائل الجسم ( مثل بلازما الدم، السائل بين الخلوي، الإفرازات الخارجية مثل الدمع والعرق والحليب ) ولذلك سمي رد الفعل المناعي هذا برد فعل هومورالي أي رد فعل بواسطة سوائل الجسم.
ما هو دور خلايا T ؟
تتألف خلايا T من ثلاثة أنواع:
1- خلايا T مساعدة ( Helper T cells وباختصار TH ). لهذه الخلايا دور بالغ الاهمية في تنشيط عمل خلايا B وخلايا T الاخرى.
2- خلايا T مسمّة (cyto-toxic T cells )، وباختصار TC . لهذه الخلايا قدرة على تدمير وقتل الخلايا السرطانية والخلايا المصابة بالفيروس وغيرها.
3- خلايا T كابحة، أي أنها تقوم بتنظيم نشاط خلاياT الأخرى (suppressor T cells) وباختصار TS .
مما سبق، يتضح أن هناك نوعاً آخر من المقاومة المناعية يتم بواسطة خلايا وليس بواسطة أجسام مضادة ولذلك سمي برد فعل مناعي خلوي (תגובה תאית).
تؤدي ردود الفعل المناعية السابقة في معظم الاحيان الى تدمير مسبب المرض والى شفاء الجسم، وتظل في الجهاز المناعي "ذاكرة" لهذا المسبب. فاذا دخل الى الجسم مرة ثانية كانت مقاومته أشد وأسرع مما يمنع الاصابة بالمرض.
إن رد الفعل المناعي الذي يحصل عند دخول مسبب المرض لأول مرة يسمى "رد فعل مناعي أولي" (תגובה ראשונית)، أما رد الفعل المناعي عند دخول المرض مرة ثانية فيسمى "رد فعل ثانوي" (תגובה שניונית).
لجهاز المناعة قدرة على التعرف والقيام برد فعل تخصصي تجاه عدد هائل جدا من الأنواع المختلفة من الجزيئات. ولم يجد العلماء حتى الآن مادة لا يستطيع جهاز المناعة أن يقوم برد فعل مناعي ضدها.
كل مادة تحفز جهاز المناعة على القيام برد فعل مناعي تخصصي ضدها تسمى أنتيجن (אנטיגן- antigen )، وباللغة العربية "مولد مضاد". فالمركبات التي تتألف منها البكتيريا والفيروسات وسم الثعبان أو العقرب وغيرها هي أنتيجينات.
جهاز المناعة قادر (عادة) على التمييز بين المركبات الذاتية التى يتألف منها الجسم وبين المركبات غير الذاتية أي غير الموجودة بشكل طبيعي في الجسم (self & non self ). في بعض الحالات، ونتيجة لخلل ما، يقوم جهاز المناعة بردود فعل مناعية ضد مركبات ذاتية. ردود الفعل هذه قد تؤدي الى أمراض بعضها صعب وخطير. تسمى هذه الأمراض "أمراض المناعة الذاتية" (autoimmune diseases )، منها مثلاً بعض أنواع الروماتزم (حمى المفاصل) وسكري الشباب وغيرها.
الأجسام المضادة (antibodies )
ان أحد ردود الفعل المناعية المميزة هي تكوين أجسام مضادة. والخلايا المسؤولة عن تكوين وافراز الاجسام المضادة هي ليمفوسيتات B . فهذه الليمفوسيتات عندما "تتعرف" على الانتيجن وبمساعدة خلايا TH، تبدأ بالانقسامات المتتالية. يتمايز قسم من الليمفوسيتات الناتجة الى خلايا تسمى خلايا بلازما (plasma cells ). هذه الخلايا هي التي تكوّن وتفرز الاجسام المضادة الى بلازما الدم والى سوائل الجسم الاخرى.
الاجسام المضادة هي جليكوبروتينات تنتمي الى فئة البروتينات المسماة جلوبولينات. ولان الاجسام المضادة تقوم بوظائف مناعية فقد سميت إمونوجلوبولينات (Immune-globulins ) وباختصار Ig .
هنالك عدة فئات من الامونوجلوبولينات تختلف بتركيبها الكيماوي، تركيزها في البلازما، مكان تأثيرها ووظائفها. هذه الفئات من الامونوجلوبولينات تدعى: IgD, IgE, IgA, IgG, IgM وأكثرها تركيزاً في بلازما الدم هي IgG .
نموذج محوسب يظهر مبنى جزيء IgG .
مساهمة الامونوجلوبولينات في التخلص من الانتيجين
يتبع ---->