كباريه.. الجمع بين الازدواجية والتدين الشكلي
الأحد 10 يناير-كانون الثاني 2010 القراءات: 10
ماجــد الطيـاشـي
الأحد 10 يناير-كانون الثاني 2010 القراءات: 10
ماجــد الطيـاشـي
تدور أحداث الفيلم في قالب اجتماعي في ليلة واحدة مع الاستعانة بمشاهد «فلاش باك» للتمهيد لتعرف الجمهور على شخصيات الفيلم من خلال قصة تسعة أشخاص لكل منهم حياته ومشاكله وما يجمعهم هو «الكباريه» الذي يعمل بعض هؤلاء الأشخاص فيه بينما الآخرون
من رواده..
الفيلم بطولة هالة فاخر، خالد الصاوي، إدوارد، دنيا سمير غانم، ماجد الكدواني، صلاح عبد الله، جومانا مراد، أحمد بدير، محمد الصاوي القصة من تأليف أحمد عبد الله و الإخراج سامح عبد العزيز ومن إنتاج أحمد السبكي.
وتقول جومانا إن الفيلم يعتبر تجربة جديدة على السينما وهو يقوم على بطوله جماعية والشخصية التي أقدمها جديدة تماما وأقدمها لأول مرة سواء في التليفزيون أو السينما وهي لفتاه تدعى نهله تعيش في حي شعبي فقير مع والدتها والتي تجمعها بها علاقة إنسانية حميمية ولكن تضطرها الظروف للعمل كمضيفة داخل الكباريه والذي تدور فيه معظم الاحداث والشخصية سنشاهدها في شكلين مختلفين داخل الحارة وبشكل مختلف في الكباريه والعمل يعتبر كوميديا سوداء وأعتبره مباراة في التمثيل مع كل هؤلاء النجوم
قصة الفيلم
سعت السينما المصرية جاهدة في الأعوام الأخيرة الى تنويعات متعددة لفكرة (المكان البطل) بمعنى أن يمتد دور المكان من مجرد وقوع الأحداث به لأن يكون مشاركا فيها..فمنه تبدأ وبه تتطور وإليه تنتهي..وغالبا ما يكون للمكان دلالة رمزية أعم من حدوده على الشاشة..ومن يشاهد الإعلان الدعائي لفيلم ((كباريه)) سيدرك فوراً أنه ينتمي لهذه النوعية من الأفلام.
المؤلف (أحمد عبد الله) قدم خلال ساعتين هي مدة أحداث الفيلم ما يقرب من عشر حكايات جسدها أكثر من خمس عشرة شخصية تميزت منها على صعيد الجودة والثراء (شخصيات ماجد الكدواني وجومانا مراد ودنيا سمير غانم)..وجاءت بعضها متوسطة تدور في فلك النمطية (شخصيات محمد لطفي وصلاح عبد الله وأحمد بدير وعلاء مرسي وفتحي عبد الوهاب ومحمود الجندي)..بينما كانت بعض الشخصيات مسطحة وبلا ضرورة درامية تذكر (مي كساب وخالد الصاوي وإدوراد وهالة فاخر ومحمد شرف وسليمان عيد)..ولا تعارض هنا بين النمطية وفكرة (التناقض) المميزة لكل شخصيات الفيلم..فكون التناقض هو اسم اللعبة يقسم الشخصيات داخله حسب ثرائها الدرامي. أسوأ ما في الفيلم هو النهاية التي اختارها الكاتب له لسببين أولها هو تقسيم الأبطال لناجين (وهم من اختاروا طريق التوبة) وهالكين (وهم في رأي أحمد عبد الله أنهم يستحقون الموت!).. فالأمر ليس بهذه البساطة وكما أن وصول شخصية الجارسون (أحمد بدير) للتوبة لا يعفيه من خطاياه السابقة فان عدم وصول بعض الشخصيات الأخرى لها لا يمنح الحق للمؤلف بالحكم عليهم بالموت..(من ناحية أخرى لا أفهم سر تصنيف شخصية جومانا مراد ضمن فئة الهالكين رغم وصولها للحظة التنوير الخاصة بها وكانت عودتها لداخل الكباريه لإحضار ملابسها ليس إلا!).
السبب الثاني لسوء النهاية هو تبريرها لاستخدام العنف في مواجهة الفساد..فمحاولة فتحي عبد الوهاب لمنع تفجير الكباريه ومناداته شديدة السذاجة بأن (الحوار يجيب نتيجة) لم تكن كافية لمنع معظم جمهور المشاهدين للفيلم من الاقتناع بأن القتلى كانوا يستحقون ما حدث لهم..فكرة العنف مرفوضة من الأساس ولكن لو تنازلنا قليلا لنفترض استحقاق صاحب الكباريه والمطرب والثرية العراقية للموت فلا أجد الفتاة الريفية والمحارب السابق والعامل الذي يريد أن يدفع مصاريف المدرسة لابنته إلا ضحايا مجتمع لا يرحم.
بالنسبة لطاقم التمثيل جاء (ماجد الكدواني) و (جومانا مراد) على قمة هرم الأداء بتفهم عالي لشخصيتيهما..(خالد الصاوي) الممثل المغامر الذي وافق على أداء شخصية ضعيفة غرضها كوميدي تجاري بالمقام الأول ليجسد دوراً جديداً عليه فهو المطرب الشعبي المغمور الذي يعيش بمعونة عشيقته الثرية العربية..لا جديد في تمكن خالد من أدوات شخصيته وان كنت أتمنى أن يكون الدور مؤثراً بشكل أكبر..(أحمد بدير) و (دنيا سمير غانم) و (صلاح عبد الله) (فتحي عبد الوهاب) و (محمد لطفي) جاء أداؤهم في منطقة الجيد..باقي الأدوار لم تحتج أداء من الأساس!
وأشاد النقاد بالفيلم الذي ضم أكثر من 15 نجماً سينمائياً ، وهو الذي يصور ويربط حياة أفراد الكباريه بحياة الأفراد في خارج الكباريه حيث إن الكباريه يجسد أيضا حياة شبيهة بحياة المصريين التي تتميز في وقتنا الحاضر بالازدواجية والهوس الديني ، فصاحب الكباريه فؤاد حامد الذي قام به صلاح عبدالله لا يتناول الخمر ولكنه يعيش من دخل بنات الليل وبيع الخمر ويفعل كل أنواع الشرور والعنف النفسي بينما يستمع إلى الشيخ النقشبدي في الوقت الذي يصدح فيه المطربون في صالة الكبارية بأغانٍ مبتذلة وهابطة ، ونهى مضيفة الكباريه التي أدت دورها جومانة مراد ترقص وتعربد وتسقط البنات معها لكي تجمع أموال الحج لوالدتها ، والموظف عم علام الذي قام بدوره أحمد بدير يشرف على العاملين ثم يدخل ليؤدي صلاة الفجر.
تألقت الفنانة السورية جومانا مراد في فيلم "كباريه" وكان اسمها نهى وتعيش حياة فقيرة وقدمت نفسها كبنت ليل حتى تجمع المال للحج لها ولوالدتها وتألق خالد الصاوي في دور صعب كمطرب شعبي في شكل كوميدي داخل إطار درامي وجو غير كوميدي بالمرة وهو دور صعب جداً ، بينما قام صلاح عبدالله بدور الرجل الشرير جداً والقاسي والخبيث في نفس الوقت كصاحب الكباريه وبهذه الخلطة الشريرة التي تكتسى ثوب التدين الزائف كان أداؤه بارعاً وخفيف الظل أيضاً ، وقام ماجد الكدواني الذي يدعى خميس بدور شقيق فؤاد حامد الأعرج الحارس على دورة المياه في دور قمة في الأداء والتأثير ، بينما ينجح فتحي عبد الوهاب في دور الإرهابي الساذج الذي يفشل في تفجير الكباريه، وبرع الفنان محمد لطفي وكان اسمه فرعون في دور زعيم الجارد أو الحراس بموهبة فاقت كل التوقعات وبدأت الفنانة دنيا سمير غانم تضع بصماتها بصورة أكثر وضوحاً وقوة كبنت أجبرت على أن تكون متشردة أو من بنات الليل في دور أسمته بالصدمة الناجحة وقالت دنيا في حوارها للصحافة: "الصدمة هي سبب نجاحي فالشخصية جريئة جدا، وكنت مخضوضة من الدور وكنت أشك في قدرتي على تقديم تلك الشخصية، لكن شجعني المخرج جدا، وبصراحة الفيلم كله كان مهمًّا، وشعرت أن المخرج وضع كل ممثل في مكانه، وهذا الفيلم على مدار السنين سيكون من ضمن الأفلام المهمة في تاريخ السينما ويقول مؤلف قصة الفيلم أحمد عبد الله "لم تكن فكرة الاختلاف في قصة الفيلم الهدف الذي يحركني، لكنها جاءت بشكل طبيعي لانفعالي بما يدور حولي من تناقضات. يعرينا الفيلم أمام أنفسنا، لنفهم إشكالياتنا وبالتالي مشاكل المجتمع. تجذب فكرة أن تدور الأحداث في مكان واحد أي كاتب لتناولها، لأنها تضفي سحراً خاصاً على شاشة السينما، بالإضافة إلى أن الكباريه هو مجتمع ليلي وغريب مليء بالشخصيات والتناقضات ويصلح كإطار لأطرح من خلاله فكرتي.
وانطلق النقاد في تقييم قصة الفيلم من نقطة الازدواجية حيث جسد الفيلم الإزدواجية الواضحة لدى شخصيات الفيلم فيما هو ديني ودنيوي.
وجة نظري
الفيلم تدور أحداثه خلال يوم واحد ، داخل كباريه ليلي ببعض الامتدادات التي تطل خارج أبواب هذا الكباريه ، ويصور الكباريه ومايرتبط به من أحداث الحالة التي يعيشها الشعب المصري حالياً من مشاكل نفسية ومادية وبطالة وانحراف في الفكر الفردي سواء يميناً أو يساراً أو إرهاباً والانقسام الشديد داخل النفس الذي أكد أن الشعب المصري يعيش في حالة ازدواجية وصراع مرير بين ماهو دنيوي وماهو ديني. في ظل أزمة فكرية واقتصادية طاحنة، وبرعا السينارست والمخرج في تصوير هذه المشكلة في شكل كوميدي تراجيدي لا يخلو من الإثارة والتشويق.. ولكن من الواضح أن مؤلف القصة أحمد عبدالله انحاز للجانب الديني ليس من الناحية الجوهرية ولكن من الناحية الشكلية والمظهرية أي أنه انحاز إلى التدين الشكلي الذي هو في حد ذاته مشكلة المجتمع المصري في هذه الازدواجية التي يعاني منها ، وبالتالي قدم لنا صورة مبدعة للواقع خالية من الحلول الجوهرية ، كما أنه صور نهاية الفيلم صورة تقليدية قديمة في السينما غير متلائمة مع الواقع وهي موت الأشرار (من وجهة نظره) جميعاً ونجاة شخص واحد لأنه كان يصلي الفروض في موعدها وسيدة وطفلتها وهن محجبات ، وهو أمر غير واقعي بالمرة وفي نفس الوقت يوحي بأن الطقوس والمظهر هي لغة الحكم علي الشرير والطيب.
ولكن هذا لايمنع أن نشيد بهذه الصورة الدقيقة المبدعة التي قدمها المخرج لنا في مشاهد الفيلم ولنأخذ مثلا سلسلة مشاهد للممثل محمد شرف يبين فيها بشكل كوميدي رائع نوعية المشاكل التي يواجها المواطن العادي جداً في حياته اليومية ويؤكد بها أنه من الممكن في القاهرة عاصمة مصر الكبرى أن تتعطل حياة المواطن يوماً كاملاً لا يصل فيها إلى مقر عمله ، إنه أمر غير مستبعد ولا مبالغة فيه ، بل وقد تتعطل حياته كلها وتتعقد لأسباب خارجة عن إرادته ، قدمت الصورة في لقطات قليلة ولكنها ثاقبة في النقد والأداء تبدأ بالتلاحم والزحام في الميكروباص والحوار الكوميدي باللغة العامية بين محمد شرف وإحدى الراكبات حيث أن وضعه يجعله مضطراً ان يكون وجهه في صدرها فتقول له:
حاسب …عينك… النني هايفط جوه (الصدر)
وشوية هاجيبه (النني) من هنا (الصدر)
وماهي إلا فرملة مفاجأة فتدخل رأس محمد بدلاً من "النني" في صدرها ، وهو موقف وارد لأي شخص يركب الميكروباص ، والنتيجة اتهام ظالم بالتحرش وكان البديل الوحيد أمامه بعد علقة محترمة هو مترو الأنفاق الذي اكتشف أنه عطلان (ومن الممكن في بعض الحالات ان يصل العطل لساعات وأحيانا ليوم كامل) وإذا به يتعرض لسطو وسرقة على رصيف المترو الفارغ ويستنجد ولا يظهر أحد ولكن يخرج الشرطي من تحت الأرض عندما يبدأ بإشعال سيجارة ليفرض عليه غرامة التدخين ، وهو نقد واضح للشرطة التي تهتم بجمع الغرامات وتهمل واجبها في حماية الناس ، ثم يحاول أن يكمل المشوار بميكروباص آخر فيتعطل المرور في شارع الهرم لأن شخصية هامة تمر به ، وعاد أن تتعطل شوارع القاهرة ومصالح الناس ساعات بسبب قافلة سيارات الشخصيات الهامة.
ويرسي المطاف بمحمد على أن تصدمه سيارة وهو يعبر الشارع ، وهذا وارد الحدوث لأي شخص مهما كان حريصاً في عبور الشارع في العاصمة الكبرى القاهرة، وقد تأتيك الصدمة من الأمام أو الخلف أو من فوق ، ثم ينقل إلى المستشفى وتبتر قدمه بشكل تشعر أنك كنت في مجزرة وليس في مستشفى.
وأما السائق والركاب بشد الراكب من قفاه وهاتك ياضرب .
وأكثر شخصية تركزت فيها الشرور كلها هي شخصية صاحب الكباريه فؤاد حامد، وهو بدون مبالغة يمثل فعلا التطور السيء للشخصية المصرية التي نراها ليس فقط في الكباريه بل خارج الكباريه وحتى في خارج مصر نفسها ، شخصيات مصرية حاملة لكل الصفات الخبيثة من الشرور المتعمد.
يصور الفيلم فؤاد حامد كصاحب عمل فظيع وهي صفة موجودة في أغلب أصحاب العمل المصريين ، شخصية شريرة ، جشعة ، تستعبد الناس وتعتبر البنات "ملكات يمين" وتعامل الموظفين والعمال أقسى معاملة مثل العبيد ومن لا يعجبه " الباب يفوت جمل" ويقول صاحب الكباريه بفخر إن "نصف بنات الليل في الكباريه ذات مؤهلات عليا ولالزوم لهذه الشهادات"، ويفتخر قائلاً " ماليش في السجاير ولا النسوان وآخر حاجة بيني وبين النسوان هي مراتي" ويغلق الباب على نفسه ليسمع موشحات الشيخ النقشبدني "مولاي إني ببابك" وهو رأس لكل الشرور والجشع والمشاكل في الكباريه ويعيش مع الخمور والدعارة واستعباد الناس ويتظاهر فقط بأنه يصلي ويحج ويسمع الموشحات الدينية ، حتى أخاه الأعرج خميس يعامله أحقر معاملة وجعله يعمل في وظيفة عامل الحمامات وقال له "مافيش مدير صالة بيعرج ياتقعد في بيتك بإحترامك ياتتفضل على الحمام"
يدور بينه وبين أحد موظفيه ويدعى صالح هذا الحوار الذي يكشف عن إزداوجية هذا الشرير:-
- عمرة كل سنة دي ياصالح بتغسلني من جوه
- يرد صالح : إنت والله مامحتاجها ياحاج لا بتشرب سيجارة ولابتأخد كاس.
- ثم يطلب صالح من فؤاد الدعوة: ادعي لي ياحاج
- فكانت دعوة الحاج فؤاد حامد صاحب الكباريه لصالح كالآتي: "ربنا يهديك ياصالح" كذلك قدم لنا المخرج صورة منفرة لعالم الظلام والإرهاب ، نوع من البشر يتقمصون دور الخالق في منح ومنع الحياة والحكم على الناس والفصل بينهم كأشرار وأبرار وإطلاق حكم القتل عليهم، ويلجأون إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة فيحلقون ذقونهم عملاً بمدأ الحرب خدعة ومبدأ التقية ، ويبررون العمليات الانتحارية بخداع الناس والاندساس وسطهم. ومن ناحية أخرى صور المخرج تسابق الإرهابيين في نيل شرف الانتحار وتسميتها بالشهادة على أنها طريق للجنة.حيث يتم تكفين الإرهابي حياً قبل القيام بالعملية الانتحارية.
وأمير الإرهابيين يرتدي البدلة وغير ملتح ويتسابق الجميع إلى طاعته وتقبيل يده وتجهيز المفرقعات والأحزمة المفخخة بالقنابل من أجل الانتحار وعندما أرسل أمير الإرهابيين أحد أفراد الخلية لتفجير الكباريه قال له
"أنا باكلم مسلم مثقف وخريج جامعة .. المكان اللي انت رايحه ده مكان موبوء ولازم ينظف .. الغاية تبرر الوسيلة ياولدي ، كن حذر وتعامل مع المكان كأنك زبون عتيق وتذكر أن الحرب خدعة ، الفرحة الكبرى لحظة استشهادك".
ووسط الأحداث الدرامية تتخلل الفيلم صور وأحداث كوميدية استطاع بها المخرج أن يخلق نوعاً جميلاً من الإثارة والتشويق مثل شخصية عريس كان في برنامج زفافه أن يقضي بعض السويعات داخل الكباريه في ليلة دخلته ، وفي طريقه للكباريه يجامله الجميع بإعطائه المخدرات والحبوب والسوائل المثيرة جنسياً كعادة سيئة داخل المجتمع المصري يطلق عليها "واجب" أو "جدعنة
وتبدأ هدايا الجدعنة للعريس بخربوش صغير ثم دماغ من الأسطى تيتي الميكانيكي وفي الختام سنة أفيون بلدي تعمل له دماغ هدية من صاحب الكباريه والكل يقول له "ماتنساش تدعي لي في الصباحية" لدرجة أن إجابته كانت " أنا دعيت لناس كتير قوي النهاردة.
وقدم المخرج أيضاً شخصية "الفقاعة المصرية" الكوميدية وهي شخصية المطرب "بلعوم" والتي أداها الفنان العظيم خالد الصاوي بكل إبداع ، ذلك الشخص الذي يخلق حول نفسه هالة مزيفة من الشهرة وهي مجرد فقاعة وكذب ويعيش من خلال عطايا سيدة عراقية ثرية وهو أصلا لايملك شيئاً ولا موهبة ومجرد "فقاعة" حتى أن المعجبين يتم تأجيرهم وكل تحركاته منظرة وكذب وهو أصلا من أهل السوابق وتصادف أن قابله أحد رفاق السجن وقال له " انت معفن دا سعد الصغير برقبتك" فتحول إلى شخص عنيف أشبعه لكماً وضرباً معبراً عن طبيعة الشخصية الفقاعية التي تتحول إلى شخصية عنيفة عندما تواجه بحقيقة شخصيتها.
وكالعادة في الأفلام المصرية الحديثة يتخلل الفيلم مجموعة من الشتائم والسباب التي يجب أن تمنع من الأفلام بسبب الأطفال وصغار السن ، والمجتمعات المحافظة والعربية التي لها طابعها الديني والاخلاقي
قدم الفيلم أيضاً صورة منتشرة داخل المجتمع المصري وهي "نفاق المصريين للعرب" من أجل الحصول على عطاياهم وأموالهم ، فعندما يدخل ضيف عربي الكباريه يحتفى به كل العاملين في الكباريه من المدير إلى أصغر عامل ويقال له " نورت مصر كلها " وعندما دخلت الثرية العراقية الكباريه يطلق عليها "ست البشر" هناك الكثير والكثير مايمكن قوله في فيلم "كباريه" من مدح ونقد ولكن خلاصة القول: إنه فيلم فوق الممتاز ويستحق أن يكون علامة في تاريخ السينما المصرية الحديثة وهو عمل فني يرصد الإزدواجية والتدين الشكلي في الشخصية العربيه المعاصرة.
كباريه
فيلم كباريه من إخراج سامح عبدالعزيز وشارك في بطولته جومانا مراد وصلاح عبد الله ودنيا سمير غانم وخالد الصاوي وأحمد بدير وماجد كدواني ومي كساب وهالة فاخر وأدوارد ومحمود الجندي وعلاء مرسي ومحمد شرف وفتحي عبد الوهاب وضياء عبد الخالق وسليمان عيد ومحمد لطفي ومحمد الصاوي، كما شارك كضيوف شرف نهى العمروسى وحجاج عبد العظيم ورانيا يوسف وسعيد طرابيك والطفلة نوران جاد والمطربون أمينة ومحمود الليثي والراقصة شمس ، وألف موسيقاه تامر كروان.
وصلت تكاليف الفيلم إلى 8 ملايين جنيه وحقق أرباحاً عالية جداً من غير المتوقع حيث وصلت الإيرادات إلى 22 مليون و 122 ألف جنيه مصري واحتل المرتبة الثالثة في الإيرادات بعد فيلمي " الريس عمر حرب" و "أسف على الإزعاج".. حصد الفيلم العديد من الجوائز السينمائية ونجح نجاحاً باهراً حيث كانت الجوائز كالآتي:-
جائزة أحسن سيناريو احمد عبد الله
جائزة أحسن ممثل دور ثان محمد شرف
جائزة أحسن ممثلة دور ثان جومانا مراد
جائزة أحسن ملابس اسلام يوسف
من رواده..
الفيلم بطولة هالة فاخر، خالد الصاوي، إدوارد، دنيا سمير غانم، ماجد الكدواني، صلاح عبد الله، جومانا مراد، أحمد بدير، محمد الصاوي القصة من تأليف أحمد عبد الله و الإخراج سامح عبد العزيز ومن إنتاج أحمد السبكي.
وتقول جومانا إن الفيلم يعتبر تجربة جديدة على السينما وهو يقوم على بطوله جماعية والشخصية التي أقدمها جديدة تماما وأقدمها لأول مرة سواء في التليفزيون أو السينما وهي لفتاه تدعى نهله تعيش في حي شعبي فقير مع والدتها والتي تجمعها بها علاقة إنسانية حميمية ولكن تضطرها الظروف للعمل كمضيفة داخل الكباريه والذي تدور فيه معظم الاحداث والشخصية سنشاهدها في شكلين مختلفين داخل الحارة وبشكل مختلف في الكباريه والعمل يعتبر كوميديا سوداء وأعتبره مباراة في التمثيل مع كل هؤلاء النجوم
قصة الفيلم
سعت السينما المصرية جاهدة في الأعوام الأخيرة الى تنويعات متعددة لفكرة (المكان البطل) بمعنى أن يمتد دور المكان من مجرد وقوع الأحداث به لأن يكون مشاركا فيها..فمنه تبدأ وبه تتطور وإليه تنتهي..وغالبا ما يكون للمكان دلالة رمزية أعم من حدوده على الشاشة..ومن يشاهد الإعلان الدعائي لفيلم ((كباريه)) سيدرك فوراً أنه ينتمي لهذه النوعية من الأفلام.
المؤلف (أحمد عبد الله) قدم خلال ساعتين هي مدة أحداث الفيلم ما يقرب من عشر حكايات جسدها أكثر من خمس عشرة شخصية تميزت منها على صعيد الجودة والثراء (شخصيات ماجد الكدواني وجومانا مراد ودنيا سمير غانم)..وجاءت بعضها متوسطة تدور في فلك النمطية (شخصيات محمد لطفي وصلاح عبد الله وأحمد بدير وعلاء مرسي وفتحي عبد الوهاب ومحمود الجندي)..بينما كانت بعض الشخصيات مسطحة وبلا ضرورة درامية تذكر (مي كساب وخالد الصاوي وإدوراد وهالة فاخر ومحمد شرف وسليمان عيد)..ولا تعارض هنا بين النمطية وفكرة (التناقض) المميزة لكل شخصيات الفيلم..فكون التناقض هو اسم اللعبة يقسم الشخصيات داخله حسب ثرائها الدرامي. أسوأ ما في الفيلم هو النهاية التي اختارها الكاتب له لسببين أولها هو تقسيم الأبطال لناجين (وهم من اختاروا طريق التوبة) وهالكين (وهم في رأي أحمد عبد الله أنهم يستحقون الموت!).. فالأمر ليس بهذه البساطة وكما أن وصول شخصية الجارسون (أحمد بدير) للتوبة لا يعفيه من خطاياه السابقة فان عدم وصول بعض الشخصيات الأخرى لها لا يمنح الحق للمؤلف بالحكم عليهم بالموت..(من ناحية أخرى لا أفهم سر تصنيف شخصية جومانا مراد ضمن فئة الهالكين رغم وصولها للحظة التنوير الخاصة بها وكانت عودتها لداخل الكباريه لإحضار ملابسها ليس إلا!).
السبب الثاني لسوء النهاية هو تبريرها لاستخدام العنف في مواجهة الفساد..فمحاولة فتحي عبد الوهاب لمنع تفجير الكباريه ومناداته شديدة السذاجة بأن (الحوار يجيب نتيجة) لم تكن كافية لمنع معظم جمهور المشاهدين للفيلم من الاقتناع بأن القتلى كانوا يستحقون ما حدث لهم..فكرة العنف مرفوضة من الأساس ولكن لو تنازلنا قليلا لنفترض استحقاق صاحب الكباريه والمطرب والثرية العراقية للموت فلا أجد الفتاة الريفية والمحارب السابق والعامل الذي يريد أن يدفع مصاريف المدرسة لابنته إلا ضحايا مجتمع لا يرحم.
بالنسبة لطاقم التمثيل جاء (ماجد الكدواني) و (جومانا مراد) على قمة هرم الأداء بتفهم عالي لشخصيتيهما..(خالد الصاوي) الممثل المغامر الذي وافق على أداء شخصية ضعيفة غرضها كوميدي تجاري بالمقام الأول ليجسد دوراً جديداً عليه فهو المطرب الشعبي المغمور الذي يعيش بمعونة عشيقته الثرية العربية..لا جديد في تمكن خالد من أدوات شخصيته وان كنت أتمنى أن يكون الدور مؤثراً بشكل أكبر..(أحمد بدير) و (دنيا سمير غانم) و (صلاح عبد الله) (فتحي عبد الوهاب) و (محمد لطفي) جاء أداؤهم في منطقة الجيد..باقي الأدوار لم تحتج أداء من الأساس!
وأشاد النقاد بالفيلم الذي ضم أكثر من 15 نجماً سينمائياً ، وهو الذي يصور ويربط حياة أفراد الكباريه بحياة الأفراد في خارج الكباريه حيث إن الكباريه يجسد أيضا حياة شبيهة بحياة المصريين التي تتميز في وقتنا الحاضر بالازدواجية والهوس الديني ، فصاحب الكباريه فؤاد حامد الذي قام به صلاح عبدالله لا يتناول الخمر ولكنه يعيش من دخل بنات الليل وبيع الخمر ويفعل كل أنواع الشرور والعنف النفسي بينما يستمع إلى الشيخ النقشبدي في الوقت الذي يصدح فيه المطربون في صالة الكبارية بأغانٍ مبتذلة وهابطة ، ونهى مضيفة الكباريه التي أدت دورها جومانة مراد ترقص وتعربد وتسقط البنات معها لكي تجمع أموال الحج لوالدتها ، والموظف عم علام الذي قام بدوره أحمد بدير يشرف على العاملين ثم يدخل ليؤدي صلاة الفجر.
تألقت الفنانة السورية جومانا مراد في فيلم "كباريه" وكان اسمها نهى وتعيش حياة فقيرة وقدمت نفسها كبنت ليل حتى تجمع المال للحج لها ولوالدتها وتألق خالد الصاوي في دور صعب كمطرب شعبي في شكل كوميدي داخل إطار درامي وجو غير كوميدي بالمرة وهو دور صعب جداً ، بينما قام صلاح عبدالله بدور الرجل الشرير جداً والقاسي والخبيث في نفس الوقت كصاحب الكباريه وبهذه الخلطة الشريرة التي تكتسى ثوب التدين الزائف كان أداؤه بارعاً وخفيف الظل أيضاً ، وقام ماجد الكدواني الذي يدعى خميس بدور شقيق فؤاد حامد الأعرج الحارس على دورة المياه في دور قمة في الأداء والتأثير ، بينما ينجح فتحي عبد الوهاب في دور الإرهابي الساذج الذي يفشل في تفجير الكباريه، وبرع الفنان محمد لطفي وكان اسمه فرعون في دور زعيم الجارد أو الحراس بموهبة فاقت كل التوقعات وبدأت الفنانة دنيا سمير غانم تضع بصماتها بصورة أكثر وضوحاً وقوة كبنت أجبرت على أن تكون متشردة أو من بنات الليل في دور أسمته بالصدمة الناجحة وقالت دنيا في حوارها للصحافة: "الصدمة هي سبب نجاحي فالشخصية جريئة جدا، وكنت مخضوضة من الدور وكنت أشك في قدرتي على تقديم تلك الشخصية، لكن شجعني المخرج جدا، وبصراحة الفيلم كله كان مهمًّا، وشعرت أن المخرج وضع كل ممثل في مكانه، وهذا الفيلم على مدار السنين سيكون من ضمن الأفلام المهمة في تاريخ السينما ويقول مؤلف قصة الفيلم أحمد عبد الله "لم تكن فكرة الاختلاف في قصة الفيلم الهدف الذي يحركني، لكنها جاءت بشكل طبيعي لانفعالي بما يدور حولي من تناقضات. يعرينا الفيلم أمام أنفسنا، لنفهم إشكالياتنا وبالتالي مشاكل المجتمع. تجذب فكرة أن تدور الأحداث في مكان واحد أي كاتب لتناولها، لأنها تضفي سحراً خاصاً على شاشة السينما، بالإضافة إلى أن الكباريه هو مجتمع ليلي وغريب مليء بالشخصيات والتناقضات ويصلح كإطار لأطرح من خلاله فكرتي.
وانطلق النقاد في تقييم قصة الفيلم من نقطة الازدواجية حيث جسد الفيلم الإزدواجية الواضحة لدى شخصيات الفيلم فيما هو ديني ودنيوي.
وجة نظري
الفيلم تدور أحداثه خلال يوم واحد ، داخل كباريه ليلي ببعض الامتدادات التي تطل خارج أبواب هذا الكباريه ، ويصور الكباريه ومايرتبط به من أحداث الحالة التي يعيشها الشعب المصري حالياً من مشاكل نفسية ومادية وبطالة وانحراف في الفكر الفردي سواء يميناً أو يساراً أو إرهاباً والانقسام الشديد داخل النفس الذي أكد أن الشعب المصري يعيش في حالة ازدواجية وصراع مرير بين ماهو دنيوي وماهو ديني. في ظل أزمة فكرية واقتصادية طاحنة، وبرعا السينارست والمخرج في تصوير هذه المشكلة في شكل كوميدي تراجيدي لا يخلو من الإثارة والتشويق.. ولكن من الواضح أن مؤلف القصة أحمد عبدالله انحاز للجانب الديني ليس من الناحية الجوهرية ولكن من الناحية الشكلية والمظهرية أي أنه انحاز إلى التدين الشكلي الذي هو في حد ذاته مشكلة المجتمع المصري في هذه الازدواجية التي يعاني منها ، وبالتالي قدم لنا صورة مبدعة للواقع خالية من الحلول الجوهرية ، كما أنه صور نهاية الفيلم صورة تقليدية قديمة في السينما غير متلائمة مع الواقع وهي موت الأشرار (من وجهة نظره) جميعاً ونجاة شخص واحد لأنه كان يصلي الفروض في موعدها وسيدة وطفلتها وهن محجبات ، وهو أمر غير واقعي بالمرة وفي نفس الوقت يوحي بأن الطقوس والمظهر هي لغة الحكم علي الشرير والطيب.
ولكن هذا لايمنع أن نشيد بهذه الصورة الدقيقة المبدعة التي قدمها المخرج لنا في مشاهد الفيلم ولنأخذ مثلا سلسلة مشاهد للممثل محمد شرف يبين فيها بشكل كوميدي رائع نوعية المشاكل التي يواجها المواطن العادي جداً في حياته اليومية ويؤكد بها أنه من الممكن في القاهرة عاصمة مصر الكبرى أن تتعطل حياة المواطن يوماً كاملاً لا يصل فيها إلى مقر عمله ، إنه أمر غير مستبعد ولا مبالغة فيه ، بل وقد تتعطل حياته كلها وتتعقد لأسباب خارجة عن إرادته ، قدمت الصورة في لقطات قليلة ولكنها ثاقبة في النقد والأداء تبدأ بالتلاحم والزحام في الميكروباص والحوار الكوميدي باللغة العامية بين محمد شرف وإحدى الراكبات حيث أن وضعه يجعله مضطراً ان يكون وجهه في صدرها فتقول له:
حاسب …عينك… النني هايفط جوه (الصدر)
وشوية هاجيبه (النني) من هنا (الصدر)
وماهي إلا فرملة مفاجأة فتدخل رأس محمد بدلاً من "النني" في صدرها ، وهو موقف وارد لأي شخص يركب الميكروباص ، والنتيجة اتهام ظالم بالتحرش وكان البديل الوحيد أمامه بعد علقة محترمة هو مترو الأنفاق الذي اكتشف أنه عطلان (ومن الممكن في بعض الحالات ان يصل العطل لساعات وأحيانا ليوم كامل) وإذا به يتعرض لسطو وسرقة على رصيف المترو الفارغ ويستنجد ولا يظهر أحد ولكن يخرج الشرطي من تحت الأرض عندما يبدأ بإشعال سيجارة ليفرض عليه غرامة التدخين ، وهو نقد واضح للشرطة التي تهتم بجمع الغرامات وتهمل واجبها في حماية الناس ، ثم يحاول أن يكمل المشوار بميكروباص آخر فيتعطل المرور في شارع الهرم لأن شخصية هامة تمر به ، وعاد أن تتعطل شوارع القاهرة ومصالح الناس ساعات بسبب قافلة سيارات الشخصيات الهامة.
ويرسي المطاف بمحمد على أن تصدمه سيارة وهو يعبر الشارع ، وهذا وارد الحدوث لأي شخص مهما كان حريصاً في عبور الشارع في العاصمة الكبرى القاهرة، وقد تأتيك الصدمة من الأمام أو الخلف أو من فوق ، ثم ينقل إلى المستشفى وتبتر قدمه بشكل تشعر أنك كنت في مجزرة وليس في مستشفى.
وأما السائق والركاب بشد الراكب من قفاه وهاتك ياضرب .
وأكثر شخصية تركزت فيها الشرور كلها هي شخصية صاحب الكباريه فؤاد حامد، وهو بدون مبالغة يمثل فعلا التطور السيء للشخصية المصرية التي نراها ليس فقط في الكباريه بل خارج الكباريه وحتى في خارج مصر نفسها ، شخصيات مصرية حاملة لكل الصفات الخبيثة من الشرور المتعمد.
يصور الفيلم فؤاد حامد كصاحب عمل فظيع وهي صفة موجودة في أغلب أصحاب العمل المصريين ، شخصية شريرة ، جشعة ، تستعبد الناس وتعتبر البنات "ملكات يمين" وتعامل الموظفين والعمال أقسى معاملة مثل العبيد ومن لا يعجبه " الباب يفوت جمل" ويقول صاحب الكباريه بفخر إن "نصف بنات الليل في الكباريه ذات مؤهلات عليا ولالزوم لهذه الشهادات"، ويفتخر قائلاً " ماليش في السجاير ولا النسوان وآخر حاجة بيني وبين النسوان هي مراتي" ويغلق الباب على نفسه ليسمع موشحات الشيخ النقشبدني "مولاي إني ببابك" وهو رأس لكل الشرور والجشع والمشاكل في الكباريه ويعيش مع الخمور والدعارة واستعباد الناس ويتظاهر فقط بأنه يصلي ويحج ويسمع الموشحات الدينية ، حتى أخاه الأعرج خميس يعامله أحقر معاملة وجعله يعمل في وظيفة عامل الحمامات وقال له "مافيش مدير صالة بيعرج ياتقعد في بيتك بإحترامك ياتتفضل على الحمام"
يدور بينه وبين أحد موظفيه ويدعى صالح هذا الحوار الذي يكشف عن إزداوجية هذا الشرير:-
- عمرة كل سنة دي ياصالح بتغسلني من جوه
- يرد صالح : إنت والله مامحتاجها ياحاج لا بتشرب سيجارة ولابتأخد كاس.
- ثم يطلب صالح من فؤاد الدعوة: ادعي لي ياحاج
- فكانت دعوة الحاج فؤاد حامد صاحب الكباريه لصالح كالآتي: "ربنا يهديك ياصالح" كذلك قدم لنا المخرج صورة منفرة لعالم الظلام والإرهاب ، نوع من البشر يتقمصون دور الخالق في منح ومنع الحياة والحكم على الناس والفصل بينهم كأشرار وأبرار وإطلاق حكم القتل عليهم، ويلجأون إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة فيحلقون ذقونهم عملاً بمدأ الحرب خدعة ومبدأ التقية ، ويبررون العمليات الانتحارية بخداع الناس والاندساس وسطهم. ومن ناحية أخرى صور المخرج تسابق الإرهابيين في نيل شرف الانتحار وتسميتها بالشهادة على أنها طريق للجنة.حيث يتم تكفين الإرهابي حياً قبل القيام بالعملية الانتحارية.
وأمير الإرهابيين يرتدي البدلة وغير ملتح ويتسابق الجميع إلى طاعته وتقبيل يده وتجهيز المفرقعات والأحزمة المفخخة بالقنابل من أجل الانتحار وعندما أرسل أمير الإرهابيين أحد أفراد الخلية لتفجير الكباريه قال له
"أنا باكلم مسلم مثقف وخريج جامعة .. المكان اللي انت رايحه ده مكان موبوء ولازم ينظف .. الغاية تبرر الوسيلة ياولدي ، كن حذر وتعامل مع المكان كأنك زبون عتيق وتذكر أن الحرب خدعة ، الفرحة الكبرى لحظة استشهادك".
ووسط الأحداث الدرامية تتخلل الفيلم صور وأحداث كوميدية استطاع بها المخرج أن يخلق نوعاً جميلاً من الإثارة والتشويق مثل شخصية عريس كان في برنامج زفافه أن يقضي بعض السويعات داخل الكباريه في ليلة دخلته ، وفي طريقه للكباريه يجامله الجميع بإعطائه المخدرات والحبوب والسوائل المثيرة جنسياً كعادة سيئة داخل المجتمع المصري يطلق عليها "واجب" أو "جدعنة
وتبدأ هدايا الجدعنة للعريس بخربوش صغير ثم دماغ من الأسطى تيتي الميكانيكي وفي الختام سنة أفيون بلدي تعمل له دماغ هدية من صاحب الكباريه والكل يقول له "ماتنساش تدعي لي في الصباحية" لدرجة أن إجابته كانت " أنا دعيت لناس كتير قوي النهاردة.
وقدم المخرج أيضاً شخصية "الفقاعة المصرية" الكوميدية وهي شخصية المطرب "بلعوم" والتي أداها الفنان العظيم خالد الصاوي بكل إبداع ، ذلك الشخص الذي يخلق حول نفسه هالة مزيفة من الشهرة وهي مجرد فقاعة وكذب ويعيش من خلال عطايا سيدة عراقية ثرية وهو أصلا لايملك شيئاً ولا موهبة ومجرد "فقاعة" حتى أن المعجبين يتم تأجيرهم وكل تحركاته منظرة وكذب وهو أصلا من أهل السوابق وتصادف أن قابله أحد رفاق السجن وقال له " انت معفن دا سعد الصغير برقبتك" فتحول إلى شخص عنيف أشبعه لكماً وضرباً معبراً عن طبيعة الشخصية الفقاعية التي تتحول إلى شخصية عنيفة عندما تواجه بحقيقة شخصيتها.
وكالعادة في الأفلام المصرية الحديثة يتخلل الفيلم مجموعة من الشتائم والسباب التي يجب أن تمنع من الأفلام بسبب الأطفال وصغار السن ، والمجتمعات المحافظة والعربية التي لها طابعها الديني والاخلاقي
قدم الفيلم أيضاً صورة منتشرة داخل المجتمع المصري وهي "نفاق المصريين للعرب" من أجل الحصول على عطاياهم وأموالهم ، فعندما يدخل ضيف عربي الكباريه يحتفى به كل العاملين في الكباريه من المدير إلى أصغر عامل ويقال له " نورت مصر كلها " وعندما دخلت الثرية العراقية الكباريه يطلق عليها "ست البشر" هناك الكثير والكثير مايمكن قوله في فيلم "كباريه" من مدح ونقد ولكن خلاصة القول: إنه فيلم فوق الممتاز ويستحق أن يكون علامة في تاريخ السينما المصرية الحديثة وهو عمل فني يرصد الإزدواجية والتدين الشكلي في الشخصية العربيه المعاصرة.
كباريه
فيلم كباريه من إخراج سامح عبدالعزيز وشارك في بطولته جومانا مراد وصلاح عبد الله ودنيا سمير غانم وخالد الصاوي وأحمد بدير وماجد كدواني ومي كساب وهالة فاخر وأدوارد ومحمود الجندي وعلاء مرسي ومحمد شرف وفتحي عبد الوهاب وضياء عبد الخالق وسليمان عيد ومحمد لطفي ومحمد الصاوي، كما شارك كضيوف شرف نهى العمروسى وحجاج عبد العظيم ورانيا يوسف وسعيد طرابيك والطفلة نوران جاد والمطربون أمينة ومحمود الليثي والراقصة شمس ، وألف موسيقاه تامر كروان.
وصلت تكاليف الفيلم إلى 8 ملايين جنيه وحقق أرباحاً عالية جداً من غير المتوقع حيث وصلت الإيرادات إلى 22 مليون و 122 ألف جنيه مصري واحتل المرتبة الثالثة في الإيرادات بعد فيلمي " الريس عمر حرب" و "أسف على الإزعاج".. حصد الفيلم العديد من الجوائز السينمائية ونجح نجاحاً باهراً حيث كانت الجوائز كالآتي:-
جائزة أحسن سيناريو احمد عبد الله
جائزة أحسن ممثل دور ثان محمد شرف
جائزة أحسن ممثلة دور ثان جومانا مراد
جائزة أحسن ملابس اسلام يوسف