"السيرة النبوية" تعرض مكانة مكة والتركيبة السياسية ونسب الرسول تدور أولى حلقات السيرة النبوية التي تبثها قناة "العربية" الاثنين 1-9-2008، الموافق الأول من رمضان، عن مكانة مكة المكرمة جغرافيا وحضاريا بين العالم، والتركيبة السياسية التي كانت سائدة قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونسبه ومكانة قبيلته "قريش" بين العرب. وتستمر هذه السلسلة 30 حلقة، مدة كل منها 25 دقيقة، وتتناول مرحلة ما قبل ولادة الرسول حتى وفاته، مع الأماكن التي شهدت أحداثها. في حلقة الليلة يتناول الداعية الاسلامي واستاذ الجيولوجيا زغلول النجار مكانة مكة المكرمة، فيقول إنها أول جزء من اليابسة خلقه الله تعالى، موضحا أن العلم يؤكد أن الأرض كانت مغمورة بالماء بشكل كامل، ولم تكن هناك يابسة، ثم فجر الله قاع هذا المحيط بثورة بركانية، فكانت مكة أول قمة تبرز منه. وعن نسب الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عبدالله بن بيه فقال: لم تكن امم العالم في ذلك الوقت تعرف ما فوق الجد الثالث أو الرابع، لكن العرب كانوا يحافظون على أنسابهم ويعرفون شجرة النسب، وهكذا كان نسب الرسول من أنصع الأنساب وأشرفها وأوضحها، فهو من قريش وقريش من عدنان، وعدنان من اسماعيل عليه السلام، ويلتقين بشعوب وقبائل كثيرة. وقال د.على الفقير إن الديانات التي سادت في الجزيرة العربية قبل مبعث الرسول، هي اليهودية والنصرانية والوثنية التي هي الصنمية، ولذلك عرف المجتمع العربي انتشار الأصنام في البيوت، وكان هناك حول الكعبة والبيت الحرام 360 صنما تعبد من دون الله. وأشار راغب السرجاني إلى أن عبادة الأصنام دخلت قبل بعثة الرسول بـ600 سنة بواسطة شخص يسمى عمر بن لحي، أتى بها من الشام وبدأت تنتشر في الجزيرة العربية انتشارا كبيرا جدا، وأشهرها صنم اسمه هبل في مكة المكرمة، وصنم كبير جدا اسمه "العزى" في وادي نخلة شرق مكة، وصنم "مناه" في منطقة اسمها "المشلل" في غرب مكة، وصنم كبير ثان اسمه "اللات" في الطائف خاص بقبيلة ثقيف. التركيبة السياسية ويتناول د. محمد عمارة التركيبة السياسية قبل بعثة الرسول بقوله: كانت هناك قوتان عظميان هما الروم والفرس، تحتلان العالم وتسيطران عليه وتقهرانه قهرا حضاريا ودينيا وسياسيا وثقافيا مدة عشرة قرون، من الاسكندر قبل الميلاد بأربعة قرون، إلى هرقل في القرن السابع للميلاد. وأضاف أن هذا الاستعمار قهر الشرق والنصرانية والثقافة الشرقية، وأحل الثقافة الهيلينية محلها، ولا يزال يؤرخ في الكنيسة الشرقية للاضطهاد الديني في تلك الفترة. ويشرح د. عوض القرني هذه التركيبة السياسية أن القوة الفارسية كانت في الشرق والرومانية في الغرب، وهناك العديد من الدويلات التي كانت تدور في فلك كل منهما. فكان في تخوم الجزيرة العربية جنوب اليمن، نفوذ للحبشة وتتبع الدولة الرومانية في جنوب الجزيرة العربية وجنوب اليمن. وكان في شمال الجزيرة العربية الشرقي دويلة المناذرة تتبع الفرس، وفي شمال الجزيرة العربية دويلة الغساسنة وهي تتبع الروم، ثم قام الفرس عن طريق أتباعهم بإسقاط اليمن وإسقاط النفوذ الروماني فيه. أما وسط الجزيرة العربية فكانت مجموعة من الصحاري والبوادي الذين لايطمع فيهم وإنما يتقى شرهم، وكان الهم الأكبر للقوى العظمى هو تأمين طرق القوافل في الجزيرة العربية فقط . ويوضح د.عبد السلام راجح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث في أمة خالية من التاريخ والثقافة والحضارة، فهو القائل: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" بمعنى أنه بعث في أمة ذات حضارة وجذور من الحضارة، ولعلنا نتذكر أن الجزيرة العربية كانت لا تخلو من مواسم ثقافية كسوق عكاظ وسوق ذي المجاز وسوق المجنة, وهي أسواق تجارية ثقافية كان يتبارى فيها فرسان الثقافة والشعر والتجارة. قريش أفصح العرب ويشير د.عبدالصبور شاهين إلى أن قبيلة قريش التي ينتسب لها الرسول، كانت أفصح العرب، وأوضح الناس لغة وأقواهم فصاحة، وكان العرب يفدون إلى أسواق قريش في عكاظ ومجنة وذو المجاز وخيبر، لكي تختلط لغتهم بلغة قريش فتتزود من مقومات الفصاحة، وهكذا كان القرآن بلغة قريش أي بلسان قريش. وهو ما يؤكده أحمد نوفل بقوله إن اللسان القرشي صار ممثل اللغة العربية، ونستطيع أن نقول إن اللسان العربي كأنه روافد إجتمعت كلها في بحيرة إسمها قريش، أي أن كل إبداعات اللغة العربية إلتقت في لغة او لهجة أو لسان قريش. ويقول الحبيب الجفري: كان من أجداد النبي أول من احدث نظام الشورى في إدارة شؤون الحياة، وهو قصي بن كلاب، عندما عمر دار الندوة لتكون محلا لتشاور أعيان قريش وكان في اجداد أول من سن ضيافة الحجيج وهو هاشم. من أبرزِ أبناء قصي، عبدُ مَناف، ومنه جاءتْ فروعٌ من أهمِها فرعُ هاشم. وهاشمُ هو الذي تولى السِقايةَ والرفادة، واشتُهِرَ بأنه كان يُطْعِمُ الحجيج. وهو أولُ من سَنَّ الرحلتين لقريش، رحلةَ الشتاءَ والصيف. وكان له أربعةُ بنين، منهم عبدُ المطلب الذي أعادَ حفر بئر زمزم، وتولى سِقاية الحُجَّاج. وبين د.صفوت حجازي أن جد الرسول عبد المطلب هو الذي حفر بئر زمزم "وجدد أشياء كثيرة في مكة، وكانوا هم سدنة البيت وخدامه، وكانت لهم الرفادة والسقاية والإطعام، وكان جده الأكبر هاشم مشهورا بالسيادة، وهو أول من وضع السيادة للعرب قاطبة بين العالم عن طريق التجارة وأشياء كثيرة. وتبرز حلقة الليلة أن بيوت بني هاشم كانت أكثرَ بيوتاتِ قريشٍ نقاءً من حيثُ النسب، وأحرصَهم على خدمةِ بيت الله وحُجَّاجِه. وكان لعبد المطلب عشرة بنين، منهم: الحارث، والزبير، وأبو طالب، وعبدُ الله، وحمزة، وأبو لهب، والعباس. وعبد الله هو والدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وكانَ من أوسمِ شبابِ قريش. عاش طاهرًا كريماً. وتزوج بآمنةَ بنتِ وهب، أمِّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم. وكانت تُعَدُّ أفضلَ امرأة في قريش نسباً ومكانةً. وبعد أن تزوجها أرسلَه عبدُ المطلب إلى المدينةِ يبتاعُ لهم تمراً، فمات بها، ودفن فيها، وعمرُه حينذاك خمسٌ وعشرون سنة، وكانت وفاته قبل أن يولَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. |
عدل سابقا من قبل مجـ(الـقـلـب)ـروح في الأحد فبراير 14, 2010 8:27 pm عدل 1 مرات