تأليف: مصطفى محمد الطحان.
تلخيص- بيمان جميلالفصل الأول
مخلص في عمله
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: \"إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله، فهجرته إلى الله و رسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه\".
يعتبر هذا الحديث من الأمهات، ويتناول إحدى الكليات الهامة في الحياة الإنسان والمجتمع.
فالعمل مرتبط بالنية: إذا صحت صح العمل، وإذا فسدت ضاع العمل وباء الجهد بالخسران. فالنية قصد الشئ مقترنا بفعله. والإنسان يقوم بالعمل كالآخرين، والنية وحدها تجعله عملا للبناء أو عملا للتخريب. ورسول الله (ص) يقول: \"إنما يبعث الناس على نياتهم\".
إن النية الصادقة المتجهة إلى الله تحول كل عمل إلى عبادة.. فالكلمة الطيبة صدقة، والتبسم الصالح صدقة، ومداعبة الزوجة من أجل إحصان النفس صدقة، والجهاد في سبيل الله أعظم عبادة، والإنفاق في سبيل الله عبادة، والداعية إلى الله إن اهتدى به إنسان واحد خير له من الدنيا وما فيها.. ورد في الصحيحين عن أنس عن النبي (ص) أنه قال:\"ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابة إلا كان له صدقة\".
وقال (ص):\"من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه\".
والنية السيئة تحول العبادة إلى عمل باطل لا قيمة له ولا وزن. فرب قائم ليس له من قيامه إلا السهر، ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل ورب مجاهد أو منفق أو داعية أول من تصلى بهم النيران.
*********
الفصل الثاني
يتقى الشبهات
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: \"إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وان لكل ملك حمى، ألا وان حمى الله محارمه، ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب “.
يعتبر العلماء هذا الحديث رابع أربعة أحاديث ترجع إليها تعاليم الدين كلها، والثلاثة الأخرى هي حديث \"إنما الأعمال بالنيات\" وحديث \"ازهد في الدنيا يحبك الله\"، وحديث \"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه\".
ومعنى الحديث انه يتوجب على المسلم أن يقبل على الحلال وهو ما أحله الله في كتابه ورسوله في تعاليمه.. وأن يتجنب الحرام وهو ما حرمه الله في القرآن ورسوله في السنة.
يقول رسول الله (ص):\"الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرمه الله في كتابه\".
ويبين لنا رسول الله (ص) أن بين الحلال البين والحرام البين أمورا مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس من اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه.
والداعية الموفق هو الذي يبتعد عن الشبهات مهما صغرت لسببين:
الأول: حتى يكون من المتقين لقوله (ص):\"لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس\".
والثاني: لأنه وضع نفسه موضع القدوة للناس.. وهذا نبينا العظيم محمد (ص) يبين لمن رآه واقفا مع إحدى النساء: \"إنها(زوجتي) صفية بنت حيى\".
وسيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان إذا أمر المسلمين بأمر ذهب إلى أهله يحذرهم من الوقوع في الخطأ فكل المسلمين ينظرون إلى آل عمر.
فعلى الدعاة الذين يتصدون لدعوة الآخرين أن يستشعروا هذه المسئولية فيراقبوا أنفسهم جيدا، لأن الكثيرين يرقبونهم.
من الشبهات التي ينبغي الابتعاد عنها: (التدخين، ارتياد أماكن اللهو أو السينما، الإسراف في لعب الكرة أو غيرها، قراءة المجلات الخليعة، الصحبة الفاسدة، الطعام الذي يشتبه في مصدره وإعداده…الخ).
يعلمنا ذلك المربي الأول نبينا محمد (ص) فيقول:\"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك\" ويقول أيضا: \"من يخالط الريبة يوشك أن يجسر على الحرام المحض\".
ومعنى أن من وقع في الشبهات وقع في الحرام.. أي من تهاون بالمندوب ترك الواجب، ومن تساهل بالمكروه فعل الحرام، ومن استمرأ الشبهات وقع في الحرام..