فتوى علماء الازهر
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على نبيه ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هناك عيدين في الإسلام: عيد الأضحى وعيد الفطر، أما الاحتفالات الأخرى كالاحتفال بذكرى مولد الرسول r فهي ليست إلزامية ولا ممنوعة. ومع ذلك وصلنا إلى وقت بتنا نسمع فيه الكثير من الانتقادات لهذا الاحتفال. ولم أشأ أن أتطرق إلى هذا الموضوع من قبل بسبب وجود قضايا أهم تشغل بال المسلمين في وقتنا الحاضر. فنحن نعيش في زمن يهدم فيه أعداء الإسلام أمة النبي rمن الداخل والخارج بلا رحمة، فيما يوجد القليل فقط من المؤمنين القادرين على مواجهتهم. وقد وصلنا إلى زمن جاهلية جديدة أضحت فيه الحقيقة سلعة، وبات الكذب هو الأصل.
نعيش اليوم في عصر يذبح فيه المسلمون في كل مكان. وقلوب المؤمنين تناجي الله عز وجل طالبة العون ليرسل إليهم من هو مؤيد بنصره وملائكته ليخلصهم من هاوية الجهل والقهر التي وقعوا فيها. وحيثما نظرنا نرى المسلمين يعذبون، ويقتلون ويؤذون لا لشيء إلا لقولهم «ربنا الله». وما يحدث في البوسنة وأذربيجان وكشمير وتايلندا وطاجكستان والجزائر، كما في كثير من أنحاء المعمورة لشواهد مرعبة على الطرق التي يعامل بها الإسلام والمسلمون، وبين الآلاف المؤلفة من العلماء ليس هناك سوى قلة منهم على استعداد لأن تدب الصوت وتطالب بالتغيير والعودة للشريعة وسنة المصطفى r.
هذه هي حالنا، وفي هذا الوضع كنت متردداً لأن أبحث في أي موضوع قد يساء فهمه مما قد يثير فتنة بين المسلمين. فالله سبحانه وتعالى قد أمر في كتابه العزيز: )واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا( (آل عمران: 103).
ومع ذلك نرى، وأكثر من أي مرة سابقة، أن ما يؤلم المسلمين ليس جميعه من تدبير أعدائهم. فمن بين أظهرنا تهاجم الأمة وتصاب إصابات بالغة من أناس معروفين لا نحب أن نسميهم. هم لا يحبذون مقارعة أعداء الدين لكنهم يجدون ضرورة في محاربة المسلمين والجماعات المؤمنة في العالم الإسلامي. لذلك وجدت لزاماً علي أن أعد العدة لكي أرد عن المؤمنين كيد هؤلاء المسلمين الذين لا هم لهم سوى إيجاد العيوب في إيمان المسلمين الآخرين بينما أعداء الأمة يمزقونها شر ممزق. وهم يجهدون في إيجاد أي نقطة يعتبرها أئمتهم موضع شك كعذر للازدراء والحط من إيمان المسلمين فيكيلوا إليهم نعوتاً من أمثال: مشركين، كافرين، مبتدعين. ولا يجدون أسهل من أن يبدلوا ما اتفق عليه أئمة المسلمين على مدى أربعة عشر قرناً ويسمونه: بدعاً، شركاً أو كفراً.
لذا، ومن أجل حماية المسلمين والمؤمنين من هكذا اتهامات خاطئة وغير مقبولة، خاصة في أميركا وكندا، حيث هناك ندرة في العلماء القادرين على الرد على هؤلاء الجهلة، وجدت لزاماً عليّ أن أعد هذا الرد. وإن شاء الله فإني سأسرد الحقائق والبراهين على جواز الاحتفال بالمولد النبوي من القرآن والسنة واجتهاد أئمة المسلمين بنية الرد على انتقاد وتشكيك بعض العلماء الجهلة الذين يدّعون الإلمام بكل أمور الدين وكذلك من أجل مشاركة الآخرين بالفهم الذي أنعم الله به على علماء الإسلام الحقيقيين. وقبل أن نخوض في الشرح أود أن أطرح ثلاثة أمور:
1 – إن الاحتفال بذكرى مولد النبيr جائز، وأن الاجتماع للاستماع إلى السيرة والمدائح النبوية جائز، وإطعام الطعام وإدخال البهجة إلى قلوب الأمة في تلك المناسبة جائز.
2 - إن الاحتفال بالمولد النبوي يجب ألا يكون فقط يوم الثاني عشر من ربيع الأول بل يجب أن يقام في كل يوم من كل شهر وفي كل مسجد، لكي يشعر الناس بنور الإسلام ونور الشريعة تدخل في قلوبهم.
3 – ونقول بأن هذه التجمعات في المولد مفيدة ومنشطة لجهة دعوة الناس للإسلام وتعليم الأطفال أمور الدين، كما أن فيها فرصة ذهبية لا تعوض لكل الأئمة والدعاة لكي يرشدوا ويذكَروا الآمة المحمدية بأخلاقه وطريقة عبادته ومعاملته للناس. وهذه إحدى السبل لجعل الأطفال يحبون النبي r ويذكرونه. عن طريق الحلوى والعصير والهدايا لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
1 – إن الاحتفال بذكرى مولد النبيr جائز، وأن الاجتماع للاستماع إلى السيرة والمدائح النبوية جائز، وإطعام الطعام وإدخال البهجة إلى قلوب الأمة في تلك المناسبة جائز.
2 - إن الاحتفال بالمولد النبوي يجب ألا يكون فقط يوم الثاني عشر من ربيع الأول بل يجب أن يقام في كل يوم من كل شهر وفي كل مسجد، لكي يشعر الناس بنور الإسلام ونور الشريعة تدخل في قلوبهم.
3 – ونقول بأن هذه التجمعات في المولد مفيدة ومنشطة لجهة دعوة الناس للإسلام وتعليم الأطفال أمور الدين، كما أن فيها فرصة ذهبية لا تعوض لكل الأئمة والدعاة لكي يرشدوا ويذكَروا الآمة المحمدية بأخلاقه وطريقة عبادته ومعاملته للناس. وهذه إحدى السبل لجعل الأطفال يحبون النبي r ويذكرونه. عن طريق الحلوى والعصير والهدايا لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
معنى الاحتفال بالمولد إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو الاحتفال بالإسلام عينه، ذلك لأن النبي r هو رمز الإسلام.
يقول الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295، إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.
الأدلة على أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز أثر الاحتفال بالمولد على الكفار إن الابتهاج والاحتفال بيوم مولد النبي r يعود بفائدة، بفضل الله ورحمته، حتى على الكافرين. وقد جاء في صحيح البخاري الذي ذكر في حديثه بأنه في كل يوم اثنين يطلق سراح أبي لهب من عذاب القبر لأنه أعتنق جاريته ثويبة عندما بشرته بخبر مولد النبي rه. قال ابن كثير وهو من أئمة السلف في كتاب "البداية والنهاية" إن أول من أرضعته r هي ثويبة مولاة أبي لهب وكان قد أعتقها حين بشرته بولادة النبي r. ولهذا لما رآه أخوه العباس بعد موته في المنام بعدما رآه بشر خيبة، سأله: ما لقيت؟ قال: لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي لثويبة (وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع). وأصل الحديث في الصحيحين. وقد ذكر السهيلي وغيره أنه قال لأخيه العباس في هذا المنام: وإنه ليخفف عني في كل يوم اثنين.
وهذا الحديث مذكور في صحيح البخاري في «كتاب النكاح». وقد ذكره ابن كثير في كتبه «سيرة النبي» الجزء الأول ص 124، وفي كتاب «مولد النبي» ص 21، وفي كتاب «البداية والنهاية» ص 272 – 273
كما أن الحافظ شمس الدين بن نصر الدين الدمشقي كتب الأبيات التالية في كتابه «مورد الصادي في مولد الهادي».
بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا | إذا كان هذا كافراً جاء ذمه |
يخفف عنه للسرور بأحمدا | أتى أنه في يوم الاثنين دائماً |
بأحمد مسروراً ومات موحّدا | فما الظن بالعبد الذي كان عمره |