وتركتُ رأسي فوق صدرك ثم تاه العمرُ مني .. في الزحام
فرجعتُ كالطفل الصغير ..يكابدُ الآلام في زمن الفطام
والليلُ يلفحُ بالصقيع رؤوسنا ويبعثرُ الكلمات منّا .. في الظلام
وتلعثمت شفتاكِ .. يا أمي ..وخاصمها .. الكلام
ورأيتُ صوتكِ يدخل الأعماق يسري .. في شجن
والدمعُ يجرح مقلتيكِ على بقايا .. من زمن
قد كان آخر ما سمعت مع الوداع :
الله يا ولدي يبارك خطوتك
الله يا ولدي معك وتعانقت أصواتنا بين الدموع
والشمسُ تجمع في المغيب ضياءها بين الربوع ...
والناس حولي يسألون جراحهم فمتى يكون لنا اللقاء ؟
وتردد الأنفاس شيئاََ من دعاء
ونداء صوتك بين أعماقي يهز الأرض .. يصعدُ للسماء :
الله يا ولدي معك ..
ومضيتُ يا أمي غريباََ في الحياه
كم ظل يجذبني الحنينُ اليك في وقت الصلاه ..
أماه ...
قد كان أول ما عرفتُ من الحياه
أن أمنح الناس السلام
لكنني أصبحتُ يا أمي هنا وحدي غريباََ .. في الزحام ..
لا شيء يعرفني ككلّ الناس يقتلنا الظلام
فالناس لا تدري هنا معنى السلام
يمشون في صمت كأن الأرض ضاقت بالبشر ..
والدرب يا أمي .. مليء بالحفر ..
وكبرتُ يا أمي .. وعانقت المنى
وعرفتُ بعدكِ كل ألوان الهوى ..
وتحطمت نبضات قلبي ذات يومٍ عندما مات الهوى ..
ورأيت أن الحب يقتل بعضه
فنظلُ نعشق .. ثم نحزن .. ثم ننسى ما مضى
ونعود نعشق مثلما كنا ليسحقنا .. الجوى
لكن حبكِ ظل في قلبي كياناََ .. لا يرى
قد ظل في الأعماق يسري في دمي
وأحس نبض عروقه في أعظمي
أماه ...
ما عدتُ أدري كيف ضاع الدرب منّي
ما أثقل الأحزان في عمري وما أشقى التمني ..
فالحبُ يا أمي صار .. كأسٌ .. وغانيةٌ .. وقصر
الحب يا أمي صار .. حفلٌ .. وراقصةٌ .. ومهر
من يا ترى في الدرب يدرك
أن في الحب العطــاء
الحب أن تجد الطيور الدفء في حضن .. المساء
الحب أن تجد النجوم الأمن في قلب .. السماء
الحب أن نحيا ونعشق ما نشاء ...
أماه .. يا أماه ..
ما أحوج القلب الحزين لدعوةٍ
كم كانت الدعواتُ تمنحني الأمان
قد صرتُ يا أمي ...
رجلاََ كبيراََ ذا مكان
وعرفتُ يا أمي كبار القوم والسلطان ..
لكنني .. ما عدتُ أشـعـر أنني انســان !!!